الجعل أيضًا، لا مَنْ تَعَيَّنَ أن يفتي وله كفاية فليس له أخذ الجعل على إفتاء، وإن لم يتعين بأن كان بالبلد عالم يقوم مقامه أو لم تكن له كفاية جاز.
(ويجوزُ) للإمام (أَنْ يُولِّيَهُ) أي القاضي (عُمُومَ النَّظَرِ في عمومِ الْعَمَلِ) بأن يوليه سائر الأحكام بسائر البلاد، (و) يَجُوْزُ أن يوليه (خَاصًّا في أحَدِهما أَوْ) خاصًا (فيهما)، فيوليه عموم النظر أو يوليه خَاصًّا كعقود الأنكحة مثلًا، أو بمحلةٍ خاصة ينفذ حكمه في مقيم بها وفي طارئ إليها من غير أهلها، ولا يسمع قاضٍ بينة في غير عمله وهو محل حكمه.
وللإمام أن يولي قاضيًا من غير مذهبه، وله أن يولي قاضيين فأكثر ببلدٍ واحدٍ ولو اتحد عملهما، وإن تنازع خصمان وطلب كل منهما الحكم عند أحدهما قدم مُدعٍ، فإن استويا كمدعيين اختلفا في ثمن مبيع باقٍ فأقرب الحاكمين؛ لأنه لا حاجة إلى كلفة المضي للأبعد.
وإن زالت ولاية المولِّي بكسر اللام بموت أو غيره أو عَزَلَ المُولِّي بكسر اللام الْمُولَى بفتحها مع صلاجة لم تبطل ولايته؛ لأنه نائب المسلمين للإمام إذ تولية الإمام لمصلحة المسلمين فلم يبطل بزواله ولم يملك إبطاله كعقده النكاح على موليته، ولأن الخلفاء ولوا حُكامًا في زمانهم فلم ينعزلوا بموتهم، ولا في عزله بموت الإمام وغيره من الضرر على المسلمين بتعطيل الأحكام وتوقفها إلى أن يولي الثاني.
ولو كان المستنيب قاضيًا فعزل نوابه أو زالت ولايته بموت أو غيره انعزلوا؛ لأنهم نوابه كالوكلاء، بخلاف من ولاه الإمام قاضيًا فإنه يتعلق به قضايا الناس وأحكامهم