للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّحليف)؛ لأنها لا تبطل بالاستحلاف كما لو غابت عن البلد، وإن كان لمدعٍ شاهد واحد بالمال وأقامه عرفه القاضي أن له أن يحلف مع شاهده ويستحق، فإن قال: لا أحلف وأرضى بيمينه استحلف له وانقطع النزاع، فإن عاد المدعي وقال: أحلف مع شاهدي لم يسمع منه، نقله في "الشرح" (١)، وإن وجد مدع مع شاهده آخر فشهد عند القاضي بحقه كملت بينته وقضى له بها، وإن قال مدع: لي بينة وأريد يمينه فإن كانت حاضرةً بالمجلس فليس له إلا أحدهما، لحديث: "شاهداك أو يمينه" (٢)، وأوْ (٣) للتخيير فلا يجمع بينهما، ولإمكان فصل الخصومة بالبينة فلا يشرع غيرها مع إرادة مدع إقامتها وحضورها، وإلا تكن البينة حاضرة بالمجلس فله تحليفه ثم إقامة البينة لقول عمر: "البينة الصادقة أحب إليَّ من اليمين الفاجرة" (٤) ويلزم من صدق البينة فجور اليمين المتقدمة فتكون أولى.

وإن سأل مدع ملازمة مدعى عليه حتى يقيم البينة أجيب في المجلس حيث أمكن إحضارها فيه؛ لأنه من ضرورة إقامتها، ولا ضرر فيه على المدعى عليه، بخلاف ما إذا بعدت أو لم يمكن إحضارها فإن إلزامه الإقامة إلى حضورها يحتاج إلى حبس أو ما يقوم مقامه ولا سبيل إليه، فإن لم تحضر البينة في المجلس صرفه ولا ملازمة لغريمه


(١) ٢٨/ ٤٤٥.
(٢) جزء من حديث سبق تخريجه ص ٩٦٠.
(٣) في الأصل: والواو.
(٤) أخرجه البيهقي معلقًا في السنن الكبرى ١٠/ ١٨٢. وضعّفه الألباني في الإرواء ٨/ ٢٦٣.