للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان صادقا فيقول: كذبت فيما قلت. لما روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر مرفوعا في قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} قال: "توبته إكذاب نفسه" (١)، وتوبة غير القاذف ندم بقلبه على ما مضى من ذنبه، وإقلاع بأن يترك فعل الذنب الذي تاب منه، وعزم أن لا يعود إلى ذلك الذنب الذي تاب منه، ولا يعتبر مع ذلك إصلاح العمل لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢) ومع المغفرة يجب أن تترتب الأحكام لزوال المانع منها وهو الفسق؛ لأنه فسق مع زوال الذنب الذي تاب منه، وإن كان فسق الفاسق بترك واجب فلا بد لصحة توبته من فعله، وإن كان فسقه بترك حق لآدمي كقصاص وحد قذف فلا بد من التمكين من


(١) لم أقف عليه مسندا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٣١ إلى ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا، وعزاه في موضع آخر ٦/ ١٣٢ إلى عبد بن حميد عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب موقوفا.
واللفظ الذي ذكره الشارح -رحمه اللَّه- أخرجه عبد الرزاق عن الزهري برقم (١٥٥٤٨) المصنف ٨/ ٣٦٢، وعن طاوس: أخرجه ابن أبي شيبة برقم (٧٠٠) الكتاب المصنف ٦/ ١٧٢، وعن الشعبي: أخرجه ابن أبي شيبة برقم (٧٠١) الكتاب المصنف ٦/ ١٧٢ - ١٧٣، البيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١٥٣.
(٢) سورة النساء الآية (١١٠).