للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(و) إن رجع شهود مال أو شهود عتق (بَعْدَهُ) أي بعد حكم بشهادتهم (لم يُنْقَضْ) الحكم لتمامه ورجوع الشهود بعد الحكم لا ينقضه؛ لأنهم إن قالوا؛ عمدنا فقد شهدوا على نفوسهم بالفسق، فهما متهمان بإرادة نقض الحكم كما لو شهد فاسقان على الشاهدين بالفسق فإنه لا يوجب التوقف في شهادتهما، وإلى قالوا: أخطأنا لم يلزمه نقضه أيضًا لجواز خطأهما في قولهما الثاني، (وضَمِنُوْا) بدل ما شهدوا به من المال قبض أو لم يقبض قائمًا كان أو تالفًا، وقيمة ما شهدوا بعتقه؛ لأنهم أخرجوه من يد مالكه بغير حق وحالوا بينه وبينه كما لو أتلفوه، ومحل ذلك ما لم يصدقهم على بطلان الشهادة مشهود له فلا ضمان على الشهود برد المشهود له ما قبضه من مال المحكوم عليه أو بدله إن تلف لاعترافه بأخذه بغير حق، أو ما لم تكن الشهادة بدين فيبرأ منه المشهود عليه قبل أن يرجعا عن شهادتهما؛ لأن المشهود عليه لم يغرم شيئًا.

وإن رجع شهود قود أو شهود حد بعد حكم بشهادتهم قبل استيفاء قود أو حد لم يستوف قود ولا حد؛ لأنه عقوبة لا سبيل إلى جبرها إذا استوفيت بخلاف المال، ولأن رجوعهم شبهة والحد يدرأ بها والقود في معناه، ووجب دية قود شهدوا به بمشهود له؛ لأن الواجب أحد شيئين فإذا امتنع أحدهما تعين الآخر، ويرجع غارم على شهودٍ، وإن استوفي قود وحد حكم به بشهادتهم ثم قالوا: أخطأنا غرموا دية ما تلف من نفس كما دونها أو أرش الضرب نصًّا (١)، ولا تحمل العاقلة منه شيئًا، ويتقسط


(١) المغني ١٤/ ٢٤٦، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف ٣٠/ ٧١ - ٧٣، والمحرر ٢/ ٣٤٨، وشرح الزركشي ٧/ ٣٨٣، والمبدع ١٠/ ٢٧٤، وغاية المنتهى ٣/ ٤٨٧.