للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكون سجود السهو قبل السلام أو بعده ندب؛ لأن الأحاديث وردت بكل من الأمرين، فلو سجد للكل قبل السلام أو بعده، جاز (وإن سلم قبل إتمامها) أي: الصلاة (عمدًا بطلت) صلاته، لأنه تكلم فيها، والباقي منها ركن أو أكثر، وهو يبطلها تركه عمدًا (وسهوًا) لم تبطل به، وله إتمامها؛ لأنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه فعلوه وبنوا على صلاتهم (١)، لأن جنسه مشروع فيها أشبه الزيادة فيها من جنسها (فإن ذكره (٢) قريبًا) عرفًا، ولو خرج من المسجد، نصًّا (٣)، أو شرع في صلاة أخرى فإنه يقطع التي شرع فيها مع قرب فصل، ويعود إلى الذي ترك، و (أتمها) أي: صلاته (وسجد) لسهوه؛ لحديث عمران بن حصين قال: "سلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، فقام رجل بسيط اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول اللَّه؟ فخرج فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم" رواه مسلم (٤).

(وإن) لم يذكر سهوه قريبًا حتى طال الزمن أو (أحْدَثَ) بطلت صلاته، لأن الحَدَثَ ينافيها، أو تكلم مطلقًا إمامًا كان أو غيره، عمدًا كان أو سهوًا أو جهلًا، طائعًا أو مكرهًا، فرضًا أو نفلًا، لمصلحتها أو لا، في صلبها أو بعد سلامه، قبل إتمامها سهوًا بطلت؛ لحديث: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" رواه مسلم (٥).


= في كتاب السهو، باب من لم يتشهد في سجدتي السهو (٢/ ٦٦) وفي مواضع أخرى، ومسلم، كتاب المساجد (١/ ٤٠٣) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(١) ينظر: التعليق السابق في قصة ذي اليدين.
(٢) في "أخصر المختصرات": (فإن ذكر قريبًا).
(٣) كما في رواية ابن منصور. ينظر: "الإنصاف" (٤/ ٢٤).
(٤) مسلم، كتاب المساجد (١/ ٤٠٤، ٤٠٥).
(٥) مسلم، كتاب المساجد (١/ ٣٨١) من حديث معاوية بن الحكم السلمي.