للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحد" (١) وروى البخاري: أن عمر قرأ يوم الجمعة على المنبر سورة النحل حتى إذا جاء السجدة، نزل فسجد فسجد الناس. حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: "يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" ولم يسجد عمر. ورواه مالك في "الموطأ" وقال فيه: "إن اللَّه لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء ولم يسجد، ومنعهم أن يسجدوا" (٢) وكان بمحضر من الصحابة ولم ينكروا، فكان إجماعًا (٣)، والأمر به محمول على الندب، وقوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا} (٤) المراد به التزام السجود واعتقاده، فإن فعله ليس شرطًا في الإيمان. إجماعًا (٥)؛ ولذلك قرنه بالتسبيح.

ويكرر السجود بتكرار التلاوة؛ لأنها سببه فتكرر بتكرُّرها، كركعتي الطواف، ويسن السجود لها مع قصر فصل بين التلاوة أو الاستماع وبين السجود، حتى في طواف، ويتيمم محدث للسجود بشرطه، وهو تعذر الماء لعدم أو ضرر باستعماله، بخلاف الوضوء فلا يسجد بعده لطول الفصل بينه بين التلاوة لقارئ ومستمع لآية السجدة، لما تقدم.

ولا يسن السجود لسامع من غير قصد الاستماع، روي عن عثمان، وابن عباس، وعمران بن حصين. قال عثمان: "إنما السجدة على من استمع" وقال ابن مسعود وعمران: "ما جلسنا


= (٢/ ١٢١) والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء من لم يسجد فيه (٢/ ٤٦٦) والنسائي، كتاب الافتتاح، ترك السجود في النجم (٢/ ١٦٠).
(١) الدارقطني، كتاب الصلاة، سجود القرآن (١/ ٤٠٩، ٤١٠).
(٢) البخاري، سجود القرآن، باب من رأى أن اللَّه عز وجل لم يوجب السجود (٢/ ٣٤) ومالك، في القرآن (١/ ٢٠٦).
(٣) ينظر: "المغني" (٢/ ٣٦٥).
(٤) سورة السجدة، الآية: ١٥.
(٥) ينظر: "معونة أولي النهى" (٢/ ٦٥).