للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثوبَ) أي المطر (وتوجد معه مشقة) لأن السنة لم ترد بالجمع لذلك إلا في المغرب والعشاء (١)، رواه الأثرم. وروى البخاري بإسناده: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة" (٢) وفعلها أبو بكر، وعمر، وعثمان، رضي اللَّه عنهم (٣)، وأمر ابن عمر مناديه في ليلة باردة، فنادى: الصلاة في الرحال (٤)، و (لِوَحَلٍ) بفتح الحاء (وريح شديدة باردة، لا باردة فقط) لأنه لا يجمع للبرد وحده (إلا) إذا حصل ريح باردة ظاهرة، أو شديدة (بليلة مظلمة) فإنه يجمع لذلك (والأفضل فعل الأرفق) به (من تقديم) العصر وقت الظهر، أو العشاء وقت المغرب (أو تأخير) الظهر إلى وقت العصر، أو المغرب إلى العشاء، فإن استويا، فالأفضل التأخير، لأنه أحوط، خروجًا من الخلاف، سوى جمع عرفة، فالتقديم فيه مطلقًا أفضل، اتباعًا لفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- (٥). ويشترط لجمع ترتيب مطلقًا (وكره فعله) أي الجمع (في بيته ونحوه بلا عذر) لعموم حديث: "خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" (٦)،


(١) أحمد في "المسند" (٢/ ١٠٣).
(٢) البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب تأخير الظهر إلى العصر (١/ ٢٠١).
(٣) انعقد الإجماع على أن الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة سنة. وبين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء وفيما عدا هاتين الصورتين وقع الخلاف مع الحنفية. فإنهم منعوا الجمع مطلقًا. وأجازه جمهور العلماء.
ولا ريب أن أدلة الجمهور أقوى ومنها الأحاديث التي ذكرها المؤلف. وليس مع الحنفية سوى تأويلات ضعيفة للأحاديث والآثار في هذا الباب.
ينظر: "بذل المجهود في حل سنن أبي داود" (٦/ ٢٨٣)، و"بداية المجتهد" (١/ ١٧٠، ١٧١) و"روضة الطالبين" (١/ ٣٩٥، ٣٩٦)، و"مختصر خلافيات البيهقي" (٢/ ٣٢٢)، و"الشرح الكبير" (٥/ ٨٤، ٨٥).
(٤) أخرجه البخاري في باب الأذان للمسافر، وباب الرخصة في المطر من كتاب الأذان ١/ ١٦٣، ١٧٠، ومسلم باب الصلاة في الرحال من كتاب صلاة المسافرين ١/ ٤٨٤.
(٥) مسلم، كتاب الحج، (٢/ ٨٨٦، ٨٩٢).
(٦) مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها (١/ ٥٤٠).