للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرارها (١) طائفة منهم تذهب حِذاء العدو، وتحرس المسلمين، وهي مؤتمة بالإمام حكمًا، في كل صلاته، لأنها من حين ترجع من الحراسة، وتحرم، لا تفارقه حتى يسلم بها. قال الشيخ منصور في "شرح المنتهى" (٢): والمراد بعد دخولها معه، لا قبله. كما نبه عليه الحجاوي (٣) في "حاشية التنقيح"، فتسجد معه لسهوه، ولو في الأولى قبل دخولها، لا لسهوها إن سهت، لتحمل الإمام له.

وطائفة يحرم بها، ويصلي بها الركعة الأولى من صلاته، وهي مؤتمة به فيها فقط؛ لأنها تفارقه بعدها، فتسجد لسهوه فيها إذا أتمت صلاتها، فإذا استتم الإمام قائمًا إلى الركعة الثانية نوت المفارقة، وأتمت لنفسها منفردة، وسلَّمت، ومضت تحرس، وإن فارقته قبل قيامه إلى الركعة الثانية بلا عذر، بطلت صلاتها.

ويطيل قراءته، حتى تحضر الطائفة الأخرى، التي كانت تحرس، فتُحرمُ، وتصلي معه الركعة الثانية، ويكفي إدراكها الركوع، ويكره تأخير القراءة إلى مجيئها، وإذا فرغ منها، وجلس للتشهد، قامت لتأتي ببقية صلاتها، وانتظرها، يُكرِّر التشهد، حتى تأتي بركعة، وتشهُّد، فيُسلِّم بها، ولا يسلم قبلهم، لقوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (٤) فيدل على أن صلاتهم كلها معه.

وتحصل المعادلة بينهما، فإن الأولى أدركت معه فضيلة الإحرام،


(١) نقله عنه في "الإنصاف" (٥/ ١٢١) وأبو المعالي هو: أسعد بن المنجى بن بركات التنوخي الدمشقي، روى عنه الموفق ابن قدامة. ولد سنة (٥١٩ هـ) ألف "الخلاصة" توفي سنة (٦٠٦ هـ). "ذيل طبقات الحنابلة" (٢/ ٤٩، ٥٠) و"سير أعلام النبلاء" (٢١/ ٤٣٦، ٤٣٧).
(٢) "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٢٨٥).
(٣) هو: موسى بن أحمد بن موسى الحجَّاوي. وُلد سنة (٨٩٥ هـ). فقيهٌ، له المتن المشهور "زاد المستقنع" و"الإقناع" وغيرهما. توفي (٩٦٨ هـ). "السحب الوابلة" (٣/ ١١٣٤).
(٤) سورة النساء، الآية: ١٠٢.