للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقدم (١)، (وإن عدم متمتع أو قارن الهدي صام ثلاثة أيام في الحج والأفضل جعل آخرها) أي الثلاثة (يوم عرفة) نصًّا (٢)، فيقدم الإحرام، ليصومها في إحرام الحج، واستحب له هنا صوم يوم عرفة لموضع الحاجة، وله تقديمها قبل إحرامه بالحج، فيصومها في إحرام العمرة، لأنه أحد إحرامي التمتع، فجاز الصوم فيه، كإحرام الحج، ولجواز تقديم الواجب على وقت وجوبه، إذا وجد سبب الوجوب، كالكفارة بعد الحلف قبل الحنث، وسبب الوجوب هنا قد وُجد، وهو: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، وعلم منه: أنه لا يجوز صومها قبل إحرام عمرة.

ووقت وجوب صوم الثلاثة كوقت وجوب هدي، لأنها بدله، وهو يجب بطلوع فجر يوم النحر (و) صام (سبعة) أيام (إذا رجع لأهله) لقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (٣)، وإن صام السبعة قبل رجوعه إلى أهله، بعد إحرام بحج، وفراغه منه. أجزأه صومها. والأفضل إذا رجع إلى أهله، لكن لا يصح صوم شيء منها أيام منى، نصًّا (٤)، لبقاء أعمال من الحج. قالوا: لأن المراد بقوله تعالى: {إِذَا رَجَعْتُمْ} أي من عمل الحج (٥).

ومن لم يصم الثلاثة إلا بعد أيام التشريق، صام بعد ذلك عشرة كاملة، وعليه دم لتأخيره واجبًا من مناسك الحج عن وقته، كتأخير رمي جمار عنها، سواء كان لعذر، أو غيره، وكذا إن أخَّر الهدي عن أيام النحر بلا عذر، فيلزمه دم بتأخيره ذلك.

ولا يلزم تتابع، ولا تفريق في صوم الثلاثة، ولا في صوم السبعة، ولا


(١) (ص ٥٢٨).
(٢) "الإنصاف" (٨/ ٣٩٠).
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.
(٤) "شرح المنتهى" (٢/ ٣٦).
(٥) هذا قول عطاء، وسعيد بن جبير، وغيرهما، ينظر: "زاد المسير" (١/ ١٩٦).