للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعطوا الجزية) للآية (١) (و) يقاتل (غيرهم) أي: غير أهل الكتاب أو من له شبهته (حتى بُسلموا، أو يُقتلوا) لحديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه" (٢). خص منه أهل الكتاب، ومن ألحق بهم، لما تقدم، وبقي ما عداهم على الأصل.

(وتؤخذ منهم) أي الجزية (ممتهنين مصغَّرين) حالان، فتجرُّ أيديهم عند أخذها، ويطال قيامهم، حتى يألموا ويتعبوا، وتؤخذ منهم وهم قيام، والآخذ جالس، لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٣) ولا يقبل منهم إرسالها مع غيرهم، لزوال الصغار.

ويجوز أن يشترط مع الجزية، ضيافة من يمر بهم من المسلمين (ولا تؤخذ) الجزية (من صبي وعبد وامرأة) لأنهم لا يقتلون، وهي بدل القتل، (و) لا تؤخذ من (فقير عاجز عنها) لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٤)، ونحوهم -أي الصبي وما عطف عليه- كأعمى، ومجنون، وشيخ فانٍ، وراهب بصومعته، لأنهم لم يُقتلوا.

(ويلزم أخذهم) أي: أهل الذمة (بحكم الإسلام فيما يعتقدون تحريمه من نفس، وعرض، ومال، وغيرها) كإقامة حد في زنا، ولا يحدون فيما يحلونه، كخمر، وأكل خنزير، ونكاح ذات محرم، ولأنهم يقرون على كفرهم، وهو أعظم جرمًا وإثمًا من ذلك، إلا أنهم يمنعون من إظهاره.


(١) قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)} [الحشر: ٢٤].
(٢) البخاري، في الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة (١/ ١١) ومسلم، في الإيمان (١/ ٥٣) عن ابن عمر. وأخرجه البخاري، في أول الزكاة (٢/ ١٠٩، ١١٠)، ومسلم، في الإيمان (١/ ٥٢) عن أبي هريرة. وأخرجه البخاري، في الصلاة، باب فضل استقبال القبلة (١/ ١٠٢، ١٠٣) عن أنس. وأخرجه مسلم (١/ ٥٣) عن جابر.
(٣) سورة التوبة، الآية: ٢٩.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.