للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قضاء ذهب أو فضة (أو أهدى إليه هدية بعد وفاء بلا شرط فلا بأس) لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استلف بَكْرًا فرد خيرًا منه، وقال: "خيركم أحسنكم قضاء" (١) متفق عليه، من حديث أبي رافع.

وإن فعل مقترض ذلك قبل الوفاء ولم ينو مقرض احتسابه من دينه، أو لم ينو مكافأته عليه لم يجز، إلا إن جرت عادة به بينهما قبل قرض، لحديث أنس مرفوعًا: "إذا أقرض أحدكم فأهدي إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك" (٢). رواه ابن ماجه، وفي إسناده من تُكلِّم فيه.

وكذا حكم كل غريم، فإن استضافه مقترض حسب له ما أكل، ومن طولب ببدل قى ض أو غصب ببلد آخر لزمه أداء البدل إلا ما لحمله مؤنة، كحديد ونحوه، وقيمته ببلد القرض أو الغصب أنقص فلا يلزمه إلا قيمته بها، لأنه لا يلزمه حمله إلى بلد الطلب فيصير كالمتعذر، فإن كانت قيمته ببلد القرض أو الغصب مساوية لبلد الطلب أو أكثر لزمه دفع المثل ببلد الطلب لما سبق. وعلم منه أنه إن طولب بعين الغصب بغير بلده لم يلزمه، وكذا لو طولب بأمانة أو عارية ونحوها بغير بلدها، لأنه لا يلزمه حملها إليه، ولو بذله مقرض أو غاصب بغير بلد قرض أو غصب ولا مؤنة حمله، كأثمان؛ لزم قبوله، مع أمن البلد والطريق؛ لعدم الضرر عليه.

ومن اقترض من رجل دراهم وابتاع منه بها شيئًا، فخرجت زيوفًا، فالبيع جائز، ولا يرجع عليه بشيء، نصًّا (٣)، لأنها دراهمه، فعيبها عليه،


(١) أخرجه مسلم دون البخاري، في المساقاة (٣/ ١٢٢٤) ينظر: "إرواء الغليل" (٥/ ٢٣٦).
(٢) سنن ابن ماجه، الصدقات، باب القرض (٢/ ٨١٣)، قال البوصيري في الزوائد: في إسناده عتبة بن حميد الضبي ضعفه أحمد، وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ويحيى بن أبي إسحاق لا يعرف حاله. اهـ
(٣) "الشرح الكبير" (١٢/ ٣٥٢).