للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تجبر امرأة مفلسة على نكاح، ولو رُغب فيها بما تُوفي به دينها، لأنه يترتب عليها بالنكاح ما قد تعجز عنه.

(ومن لم يقدر على وفاء شيء من دينه) الحال (أو هو مؤخل) فـ (تحرم مطالبته) به (وحبسه، وكذا ملازمته) وتجب تخليته، رضي غريمه أو لا، لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (١) وفي إنظار المعسر فضل عظيم، لحديث بريدة مرفوعًا: "من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة" (٢) رواه أحمد بإسناد جيد.

وإن ادعى مدين العسرة، ولم يصدقه رب الدين، ودينه عن عوض، كثمن أو قرض، أو عرف له مال سابق، والغالب بقاؤه؛ حبس، أو كان دينه من غير عوض مالي، كعوض خلع، وصداق، وضمان، وكان قد أقر أنه مليء؛ حبس، لأن الأصل بتاء المال، ومؤاخذة له بإقراره، إلا أن يتيم بيّنة بإعساره، ويعتبر فيها أن تَخْبُرَ باطن حاله، لأن الإعسار من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها غالبًا إلا المخالط له، ولا يحلف مع البينة، لما فيه من تكذيبها، أو يدَّعي تلفًا لماله، ويقيم بينة به، ويحلف معها إن أصلب رب الحق يمينه، لأن اليمين على أمؤ محتمل، غير ما شهدت به البينة.


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٨٠.
(٢) أحمد في "المسند" (٥/ ٣٦٠). وصححه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٩) وأقره الذهبي. بل قال في "المهذب" -كما في "فيض القدير" (٦/ ٩٠): إسناده صالح. وقال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ١٣٥): رجاله رجال الصحيح. اهـ. وقال الألباني في "الصحيحة" (١/ ١٧٠): إسناده صحيح، رحاله ثقات بهم في "صحيح مسلم". اهـ
وقد أخرجه ابن ماجه في "السنن" كتاب الصدقات، باب إنظار المعسر (٣/ ٨٠٨) لكن ضعف إسناده في "الزوائد". وقال الدميري -كما في "فيض القدير" (٦/ ٩٠): انفرد به ابن ماجه بسند ضعيف. اهـ وفيه -أيضًا- أن العراقي ضعف إسناده. اهـ