ولم يأمر بالمثل، لأن هذه الأشياء لا تتساوى أجزاؤها، وتختلف صفاتها، فالقيمة فيها أعدل، وأقرب إليها، فكانت أولى، وتعتبر القيمة يوم تلفه في بلد غصبه من نقده، فإن كان فيه نقود فمن غالبها، ولا قصاص في المال، مثل شق ثوبه ونحوه، بل الضمان بالبدل، أو الأرش.
(وحرم تصرف غاصب) وغيره ممن علم بالحال (بمغصوب) بما ليس له حكم، من صحة وفساد، كإتلاف، واستعمال، وكذا بما له حكم بأن يوصف بأنه صحيح أو فاسد، ولذا بينه بقولى:(ولا يصح عقد) من بيع، أو إجارة، أو هبة، ونحوها (ولا) تصح (عبادة) لحديث: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"(١).
فإن اتجر غاصب بعين مغصوب أو عين ثمنه، وظهر ربح، فهو لمالك مغصوب دون غاصبه، لأنه نماء ملكه ونتيجته (والقول في) قيمة مغصوب (تالف) أ (و) في (قدره) أ (و) في (صفته) أو في حدوث عيبه، أو في صناعة فيه (قوله) أي الغاصب، بيمينه حيث لا بينة للمالك، لأنه منكر، والأصل براءته من الزائد (و) القول (في رده) أي المغصوب، إلى مالكه أو في (و) جود (عيب فيه) بأن قال الغاصب: كان العبد أعور، أو أعرج، ونحوه (قول ربه) بيمينه على نفي ذلك، لأن الأصل عدم الرد أو العيب، وإن اتفقا على أنه كان به عيب، أو قامت به بينة، فقال الغاصب: غصبته وبه العيب، وقال ربه: بل حدث عندك، فقول غاصب بيمينه، لأنه غارم.
(ومن بيده غصب، أو غيره) من رهن أو أمانة (وجهل ربَّه) أو عرف وفقد، وليس له ورثة (فله الصدقة به عنه) أي عن ربه، بلا إذن حاكم لكن (بنية الضمان) لربه إن ظهر، لأن الصدقة عنه بدون ضمان إضاعة له، لا إلى بدل، وهو غير جائز.
(١) أخرجه البخاري، في الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (٣/ ١٦٧) ومسلم، في الأقضية (٣/ ١٣٤٤) عن عائشة.