للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيامة" (١) رواه أحمد، ولا يتوعد على ما يحل، فإن آذاه بالدخول، أو تضرر ببذله، فله منعه، أو كان له فيه ماء السماء، فيخاف عطشًا، أو حازه في إناء، لم يلزمه بذله.

ولا يملك بالإحياء موات الحرم، وعرفات، لما فيه من التضييق على الحاج، واختصاصه بما يستوي فيه الناس، ولا ما أحياه مسلم من أرض كفار صولحوا على أنها لهم، ولنا الخراج عنها، ولا ما قرب من العامر عرفًا، وتعلق بمصالحه، كطرقه، وفنائه، ومسيل مائه، ومرعاه، ومحتطبه، وحريمه، ومدفن موتاه، ومطرح ترابه، ولا ما جرى عليه ملك لأحد، أو وجد فيه أثر عمارة، وإن ملكه من له حرمة من مسلم أو ذمي أو مستأمن، أو شك فيه، بأن وجد مالكه، أو وجد أحد من ورثته، لم يملك بإحياء، حكاه ابن عبد البر إجماعًا (٢)، وكذا إن جهل مالكه، بأن لم تعلم عينه، مع العلم بجريان الملك عليه لذي حرمة، فلا يملك بالإحياء، نصًّا (٣)، لمفهوم حديث عائشة: "من أحيا أرضًا ليست لأحد" (٤) ولأنه مملوك فلا يملك بالإحياء، كما لو كان مالكه معينًا، وإن علم ولم يعقب أقطعه الإمام لمن شاء، لأنه فيء، وإن ملك بإحياء، ثم ترك حتى دثر، وعاد مواتًا، لم يملك بإحياء إذ كان لمعصوم، لمفهوم حديث: "من أحيا أرضًا ميتة ليست


(١) أحمد (٢/ ١٨٣) عن سليمان بن موسى، أن عبد اللَّه بن عمرو كتب إلى عامل له على أرض له أن لا تمنع فضل مائك، فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ منعه اللَّه يوم القيامة فضله".
(٢) "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر" (١٢/ ٤٧٤).
(٣) "شرح المنتهى" (٢/ ٤٥٩).
(٤) أخرجه أبو عبيد، في الأموال، باب إحياء الأرضين. . . (٢٦٤)، وأخرجه البخاري في الحرث والمزارعة باب من أحيا أرضًا مواتًا (٣/ ٧٠) بلفظ: "من أعمر أرضًا ليست الأحد فهو أحق".