للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيد، وعلى ما اختاره التتائي أنه ولد سنة ثماني عشرة وثلاثمائة فلا يمكن اعتماد هذا التاريخ لكتابة الرسالة؛ لأن ابن أبي زيد سيكون له تسع سنين فقط؛ ولم يذكر التتائي شيئًا عن تاريخ تأليف الرسالة يتوافق مع ما ذكره من تاريخ مولد ابن أبي زيد.

[المطلب الثاني- سبب تأليفها]

وقد ذكر ابن أبي زيد في مقدمة رسالته أنه إنما ألفها بناء على طلب من معلم للوُلْدان، لكنه لم يسمه، وقد اختلف في تسميته، قال أبو زيد عبد الرحمن ابن الدباغ (ت: ٦٩٦ هـ): "كان الشيخ أبو إسحاق السبائي سأله وهو في سن الحداثة أن يؤلف له كتابًا مختصرًا في اعتقاد أهل السنة مع فقه وآداب ليتعلم ذلك أولاد المسلمين، فألف الرسالة، وذلك سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وسنه إذ ذاك سبع عشرة سنة" (١)، وقال ابن ناجي: "وهو ضعيف ولا يقال: إنهما معًا سألاه وأسعفهما جميعًا؛ لأنَّ إفراد الضمير يأباه، وأيضًا فإنَّ قوله: كما تعلمهم حروف القرآن يدل على أنه المؤدب محرَز لأني لا أعلم أحدًا ممَّن تعرَّض لمناقبِ أبي إسحاق ذكر أنه كان مؤدبًا" (٢)، وقد نقل شمس الدين التتائي كلام ابن ناجي في شرحه ولم يتعقبه.

قلتُ: وكلامهما ظاهر من جهة أن المعنيّ بالخطاب في الرسالة هو محرز ، لكن هذا لا ينفي أصل القصة التي ذكرها أبو زيد؛ لأن ابن أبي زيد كان شابًا؛ والتصنيف فيه نوع من التصدر؛ فالظاهر أنه تورَّع عن إجابة المؤدب محرز حتى استشار أبا إسحاق السبائي في الأمر، وهذا منه عمل بسيرة الإمام مالك الذي قال: "ليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس حتى يشاور فيه أهل


(١) يراجع: معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان (٣/ ١١١).
(٢) يراجع: شرح ابن ناجي على الرسالة (١/ ١١).

<<  <   >  >>