للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (١)، على العرشِ استوى (٢)، وعلى المُلْكِ احتوى.

وله الأسماءُ الحسنى، والصفاتُ العُلَى، لم يزلْ بجميعِ صفاتِه وَأسمائِهِ، تعالى أنْ تكونَ صفاتُه مخلوقةً، وَأَسماؤهُ مُحْدَثةً. كلَّم موسى بكلامِه الذي هو صفةُ ذاتِه لَا خَلْقٌ من خلقِه (٣)، وتجلَّى للجبلِ فصار دكًّا من جلالِه، وأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ، ليس بمخلوقٍ فيبيدَ (٤)، ولا صفةً لمخلوقٍ فينفدَ (٥).

[[الإيمان بالقدر:]]

والإِيمانُ (٦) بالقدرِ خيرِه وشرِّه، حلوِّه ومُرِّه، وكلُّ ذلكَ قد قدَّره اللهُ ربُّنا، ومقاديرُ الأمورِ بيدِه، ومصدرُها عن قضائِه، عَلِم كلَّ شيءٍ قبلَ كونِهِ، فجرى على قَدَرِه، لا


(١) سورة الأنعام، آية ٥٩.
(٢) في اختصار المدونة والمختلطة (٤/ ٥٥١): "وقال رجل لمالك: يا أبا عبد الله ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى﴾ [سورة طه، آية ٥] كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف منه غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب، وأراك صاحب بدعة، أخرجوه".
(٣) في اختصار المدونة (٤/ ٥٣٧): "وأن الله ﷿ كلم موسى بذاته، وأسمعه كلامه لا كلامًا قام في غيره".
(٤) في القاموس المحيط (ص ٢٦٩): بادَ يبيدُ بوادًا وبَيْدًا وبيادًا وبُيودًا وبَيْدُودَةً: ذَهَبَ، وانْقَطَعَ.
(٥) نَفِدَ كسَمِعَ نَفادًا ونَفَدًا: فَنِيَ وذَهَبَ، وأنْفَدَهُ: أفْناه، كاسْتَنْفَدَهُ وانْتَفَدَهُ، وقال المغراوي: "وكلاهما منصوبان على جواب النفي الذي هو (ليس) "، قلتُ: يريد أن الفعلين: (يبيد) و (ينفد) منصوبان بعد فاء السببية، وقد تحرف كلامه في المطبوع، فذُكِر (فينفد) مرتين، والصواب أن الأول في كلامه (فيبيد). يراجع: غرر المقالة، للمغراوي (ص ٧٧) والقاموس المحيط (ص ٣٢٢).
(٦) قال التتائي: "ثم عطف على ما يجب الإيمان به قوله: "والإيمان بالقدر" يريد أن (الإيمان) مبتدأ لخبر محذوف.

<<  <   >  >>