للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسالة مرات، ووقفت عند حروفها والكلمات، وتدبرت معانيها وأظهرت من إعرابها نكات، وبينت اشتقاق كلماتها الغريبات، وزدت على ذلك ببيان المبهمات، وصرحت بالمراد من المضمرات؛ لتكون نسخة التتائي من الرسالة مكتفية بنفسها عن الشروح والتفريعات؛ فمَن رام الزيادة فعليه بالمطولات، وكتب الأصحاب الأمهات؛ كالمدونة والنوادر والزيادات، والمنتقى والمقدمات الممهدات، وقد قصدتُ بتنبيهاتي التحقيق لا تتبع العثرات؛ فقلَّما يخلو عملٌ من هفوات، وقاني الله وإياكَ السيئات، وستر لنا العيوب ومحا الخطيئات، ورفع لنا بفضله الدرجات؛ إنه سميع قريب مجيب الدعوات.

[المراد بنسخة التتائي]

أردتُ بنسخة التتائي نصَّ الرسالة الذي شرحه شمس الدين التتائي في شرحه "تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة"، وتسمية نسخة شمس الدين التتائي من الرسالة ليست بدعةً ابتدعتُها، بل استعمل مثل هذا شمسُ الدين التتائي نفسُه في قوله في باب البيوع: "وقد علمتَ ممَّا تقرَّر وجهَ نصبِ (حملًا)، وهو كذلك في نسخةِ أبي محمدٍ صالحٍ (ت ٦٥٣ هـ) (١)، وفي بعضِ النسخِ: (حمل)، والظاهرُ أنَّه بالجرِّ، والتقديرُ: ولا تجوزُ البراءةُ من الحملِ إلا من حملٍ ظاهرٍ، وقال بعضُهم: إنَّه بالرفعِ واستشكله".

وقال التتائي أيضًا: "ووقع في نسخةِ ابنِ عمرَ حذفُ النونِ من (يتأملانِه) و (يعرفان)؛ فقال: انظرْ لِمَ أسقط النونَ (٢)؟ وتعقَّب التثنيةَ بأنَّ المشتري هو الذي يتأمل".

ومنه قوله في الديات: "كذا رُوِي (الرجلين) و (العينين)، والصوابُ (الرجلان)


(١) هو الفاسي الهسكوري. يراجع ترجمته في شجرة النور الزكية (ص ١٨٥).
(٢) هذا معنى قول ابن عمر في شرحه، ومع هذا جاء لفظ الرسالة في المطبوع من شرح ابن عمر على الجادة دون تعليق من المحقق. يراجع: شرح يوسف بن عمر الأنفاسي (٤/ ٥٠٤).

<<  <   >  >>