للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكونُ من عبادِه قولٌ ولا عملٌ إلا وقد قضاه، وسبق عِلْمُه به ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهو اللطيفُ الخبيرُ﴾ (١). يضلُّ مَنْ يشاءُ فيخْذُلُه بعَدْلِه، ويهدي مَنْ يشاءُ فيُوَفِّقُه بفضلِه، فكلٌّ ميسَّرٌ بتيسيرِه إلى ما سَبَقَ مِنْ عِلْمِه وإرادتِه (٢) من شقيٍّ أو سعيدٍ، تعالى أنْ يكونَ في ملكِه ما لا يريدُ، أو يكونَ لأحدٍ عنه غنًى، أو يكونَ خالقٌ لشيءٍ إلا هو، ربُّ العبادِ وربُّ أعمالِهم، والمقدِّرُ لحركاتِهم وآجالِهم.

[[الإيمان بالرسل وخاتم النبيين عليهم الصلاة والسلام أجمعين:]]

الباعثُ الرسلَ (٣) إليهم لإقامةِ الحجَّةِ عليهم، ثم خَتَمَ الرِّسالةَ والنُّبوَّةَ والنِّذارةَ بنبيِّه محمدٍ (٤)، فجعله آخرَ المرسلينَ بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى اللهِ بإذنِه وَسِراجًا منيرًا، وَأنزل عليه كتابَه الحكيمَ، وشَرَحَ به دينَهُ القويمَ، وهدَى به الصراطَ المستقيمَ.


(١) سورة الملك، آية ١٤، و (مَنْ) في الآية في محل رفع بالفاعلية، والمفعول محذوف، والتقدير: ألا يعلم الخالق مخلوقه؟ أي أيصدر مخلوق من غير أن يعلمه خالقه، والخلق عام في مَنْ يعقل وغيره، قاله التتائي والنفراوي (١/ ٩٦).
(٢) كذا في نسخ التتائي بمداد متن الرسالة، وهو موافق لنسخة النفراوي (١/ ٩٧)، وفي المخطوطين وغيرهما من الشروح التي بين أيدينا الثابت مكانها قوله: [قدره]، وقد قال العلامة العدوي تعليقا عليه: "المناسب أن يراد به الإرادة" فوافق تعليقه ما في نسخ التتائي، والله أعلم. يراجع: كفاية الطالب الرباني (١/ ١٢٧).
(٣) كذا ضُبِط في المخطوط أ بالنصب، وهو مفعول به لاسم الفاعل (الباعث)، وهو مذهب سيبويه بترجيح الإعمال والنصب، وضبطه محقق الرسالة الفقهية (ص ٧٧) وغيره بالجر على الإضافة، وهو جائز. يراجع: همع الهوامع (٥/ ٨٣).
(٤) قال التتائي: "وفي بعضِ النسخِ تقديمُ (النِّذارةِ) على (النبوَّةِ)، ووجهُه أنَّها من صفةِ الرسولِ ولوازمِ الرسالةِ دونَ النبوَّةِ، وفي بعضِ النسخِ تقديمُ (محمدٍ) على (نبيِّه)، وفي بعضِها عكسُه".

<<  <   >  >>