للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسنٌ يا ابنَ أخي فتعلمها؛ فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها (١).

ومن ذلك أيضًا ما أخرجه حافظ المغرب ابن عبد البر المالكي عن عياش بن المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، عن أبيه: " أنه جاءه الدراوردي عبد العزيز بن محمد يعرض عليه الحديث فجعل يقرأ ويلحن لحنًا منكرًا؛ فقال له المغيرة: ويحك يا دراوردي، كنت بإقامة لسانك قبل طلب هذا الشأن أحرى (٢)، فحضَّه على ما يخلصه من اللحن في الحديث قبل طلب الحديث.

وتدبَّر -رعاك الله- قول أحد كبار الأصحاب وفارس علم مقاصد الشريعة: "الشريعة عربية، وإذا كانت عربية؛ فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم؛ لأنهما سيان في النمط ما عدا وجوه الإعجاز، فإذا فرضنا مبتدئا في فهم العربية فهو مبتدئ في فهم الشريعة، أو متوسطا؛ فهو متوسط في فهم الشريعة والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية، فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة؛ فكان فهمه فيها حجة كما كان فهم الصحابة وغيرهم من الفصحاء الذين فهموا القرآن حجة، فمن لم يبلغ شأوهم؛ فقد نقصه من فهم الشريعة بمقدار التقصير عنهم، وكل من قصر فهمه لم يعد حجة، ولا كان قوله فيها مقبولا" (٣).

وقد دلَّك الإمام السيوطي على طريق التفقه في كتاب الله وسنة رسوله ، وهو طريق التفهم لنصوص أئمة الفقه أيضًا فقال: "وعلى الناظر في كتاب الله تعالى الكاشف عن أسراره النظر في الكلمة وصيغتها ومحلها ككونها مبتدأ أو خبرًا


(١) يراجع: الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (٢/ ٢٦٠).
(٢) يراجع: جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر (١/ ٣٥٣).
(٣) يراجع: الموافقات، للشاطبي، تح أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (٥/ ٥٣).

<<  <   >  >>