إمكان صيانة قواعد الصمود، والإبقاء على ما بقي منها، فمهد بذلك الطريق، وأضاء شعلة النور وسط الظلام، لتهتدي بهداها، ولتستضيء بنورها الأجيال المقبلة.
وبعد، قد يكون من السهل على الباحث أو المؤرخ أن يقف اليوم، ليصدر إدانته على ما قام به الأمير عبد القادر الجزائري، وأن يتهم قادة ثورة ١٨٧١ - المقراني والحداد بالقصور أو التقصير، وأن يعود إلى مقاومة الحاج باي أحمد في قسنطينة، وأن يصف بومزراق وبو معزه ولالا فاطمة والإخوان الرحمانيين وحتى الأمير خالد، بأنهم ضلوا السبيل وأخطأوا التقدير. غير أن مثل هذه الأحكام تفتقر إلى النزاهة قدر افتقارها للموضوعية. لقد كان كل واحد منهم صورة صحيحة للفترة التي عاشها، ومن المحال إدانة مرحلة تاريخية بدون الأخذ بجميع العوامل المحيطة بتلك المرحلة وما سبقها ثم ما رافقها وما تبعها أيضا. وفي إطار اتصال هذا النسيج التاريخي يمكن تقويم أهمية عمل تلك النجوم التي أضاءت السبيل وهي تضحي بوجودها وبكل ما تملك للدفاع عن قيمها ومثلها العليا وفضائلها الخالدة.
عند هذه النقطة، يمكن العودة لاستقراء سيرة الأمير خالد وأعماله، لا من أجل الدفاع عنه، فقد دافع عن نفسه طوال حياته بإباء الرجال، وشمم الأبطال، وإيمان المجاهدين الذين يحتسيون جهادهم في سبيل الله ورسالته الإسلامية. وإنما من أجل إجراء تقويم وجيز لتلك الأعمال، واستخلاص أبرز دروسها.
عندما بدأ الأمير خالد نشاطه السياسي لخوض انتخابات البلدية