ويجب ألا ننسى أن الإسلام هو الذي بقي طوال عهد الاستعمار الإفرنسي الضمان الأول للشخصية الجزائرية. فلم تشق القومية الجزائرية طريقها إلى الإستقلال، ولم تهمس مطالبها الأولى، إلا بفضل انتسابها إلى العالم العربي - الإسلامي، وأخذ نصيبها من نهضته الميمونة، فكان الأمير خالد في الجزائر رائدا من روادها العظام. فنشر في (الأقدام) عدة مقالات عن المدنية العربية، وطلب إلى الأدباء المسلمين إعداد دراسات خاصة بها وتراجم أقطابها وعلمائها المشهورين لمقابلتها بالاكتشافات الأوروبية الحديثة، التي كاد ظهورها وتطورها السريع بعد حرب ١٩١٤ - ١٩١٨ أن يخطف أبصار المسلمين، ويضعف إيمانهم بمبادئهم وأعمالهم ومستقبلهم. فانبعثت النهضة في الجزائر العاصمة، فكانت وثبة وطنية، ورغبة شديدة في ثورة كبرى، وأخذ الزعماء يحلمون وقتئذ بإنشاء دولة إسلامية عظمى، وإحياء مجد الأجداد وحضارتهم الزاهرة زمن الخلافة في دمشق وبغداد وقرطبة).
وتصدى الأمير خالد لفضح سوءات الاستعمار، وإسقاط الأقنعة عن مزاعم الحضارة الغربية التي حملها الاستعمار الإفرنسي لجزائر المسلمين، فكان في جملة مقولاته بهذا الصدد: (لم يعمل الاستعمار شيئا لنا أو لأهلنا، فالجوع يقف على الأبواب، وليس لنا إلا أن نركب القطارات ونسلك الطرق والمحطات المخصصة لكبار المعمرين - المستوطنين -. نعم! إنهم ينشئون لنا بعض المدارس في الأكواخ. ولكنهم يقتطعون في نفس الوقت أراضينا، ويسلبون أولادنا، ويغتصبون أموالنا، ويعلموننا الخمر والميسر، ويحملون إلينا جميع الأمراض والموبقات والرذائل التي يتصف