ويقول مستشرق ثالث:(لقد تحدى محمد الإنس والجن أن يأتوا بمثله، وهذا هو برهان رسالته بالمعنى الكامل. ولم يكن الأمر في القرآن يتعلق بقيمة أدبية استثنائية، فإن محمدا كان يحتقر الشعراء. ودفع عن نفسه أن يكون واحدا منهم). هذا هو مجمل آراء فريق من العلماء الذين يبتغون من بحوثهم مرضاة العلم في ذاته، ويقصدون وجه الحقيقة حيث كانت فلا يخرجون عنها. غير أن هناك فريقا آخر من الباحثين الغربيين يخضعون في بحوثهم لأهواء شخصية أو مطامع فردية أو أهداف سياسية أو تعصبات دينية تعميهم عن الحق وتضلهم عن الصراط السوي، فهم حين يدرسرن القرآن دراسة عميقة ويتأملون في مبادئه الأساسية وعناصره الأولية تأملات دقيقة، يتبينون ميزاته التي لا نظير لها في أي كتاب سماوي آخر، نراهم بدلا من الإشادة بهذه الحقائق الناصعة، يسارعون فينظرون إلى بني جلدتهم بأن القرآن كتاب خطير، لأنه اشتمل على مبادىء يمكن أن تقيم الدنيا وتقعدها، وذلك إثر اليقظات الإسلامية التي أصبحت تطل من الشرق والغرب. ولقد خاف هؤلاء أن تكون هذه اليقظات الإسلامية، والحركات الاستقلالية هي أشعة من تباشير الصباح لمستقبل العالم الإسلامي الباسم، وحملة شعلة المعرفة والنور وتطبيق شريعة الله.
ذلك هو مشعل النور الذي استمر الأمير عبد القادر في حمله وهو في غياهب سجنه (في سارية امبواز بفرنسا - حيث أقام أربعة سنوات ١٨٤٧ - ١٨٥١) ثم تناقل الأبناء والأحفاد في رفع هذا