(أولاد رباح) التي جاءها إنذار من الكولونيل (باليسي)(يوم ١١ حزيران - يونيو - عام ١٨٤٥) يأمرها فيه بالإسلام خلال عشر ساعات. ولما كان الاستسلام يعني مد الرقبة للجزائر فقد اشترطت القبيلة لخروجها انسحاب القوات الإفرنسية. وبدون إنذار آخر، أوقد (باليسي) النار أمام الكهوف، وسلط الدخان على المحتمين فيها طوال الليل حتى قضوا خنقا. وهذا وصف مريع للعملية - وقد اقتطف من كتاب (رسائل جندي) مؤلفه - مونتانياك: (أية ريشة تستطيع رسم هذا المنظر، عند منتصف الليل، وتحت ضوء القمر، لقد انشغل قسم من القوات الإفرنسية في تحضير نار جهنمية ... إننا نسمع الأنات المتقطعة المنبعثة من الرجال والنساء والأطفال والحيوان. وطقطقة الصخور المحترقة وهي تتساقط. وطلقات الأسلحة المستمرة ... لقد حدث في هذا اليوم أعنف صراع بين الإنسان والحيوان، فعند الصباح، وبينما كنا نخلي مداخل الكهوف، فوجئنا بأفظع مشهد يقع عليه النظر. لقد وجدنا في داخل الكهوف جثث الثيران والأغنام والحمير المندفعة بغريزتها الطبيعية إلى استنشاق الهواء الطلق الذي حرمت منه في الداخل، وقد تكتلت بين هذه الحيوانات، وتحتها جثث الرجال والنساء والأطفال. ورأيت رجلا ميتا جاثيا على ركبتيه، يمينه تمسك بقرن ثور، بينما كانت بالقرب منه امرأة وعلى ذراعيها طفلها ... من السهل التعرف على هذا المنظر، فالرجل قد اختنق مع المرأة والطفل والثور، في الوقت الذي كان يحمي فيه عائلته الصغيرة من ثورة هذا الحيوان ... لقد كانت الكهوف واسعة، حتى إننا أحصينا فيها سبعمائة وستين جثة؛ ولم ينجح في الخروج