للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم سوى ستين ما لبث أن فقد أربعون منهم الحياة. ونقل رجال الإسعاف عشرة في حالة صحية خطيرة أما العشرة الباقون، فقد أطلقنا سراحهم ليعودوا إلى قبائلهم يبكون أطلالا وخرابا).

لم تقف جهود فرنسا - الحضارية - عند حدود أعمال الإبادة المباشرة للجزائريين المسلمين، وإنما تجاوزتها إلى أعمال الإبادة غير المباشرة وفي طليعتها إهمال الناحية الصحية، ونقل الأمراض والأوبئة الحضارية إلى الجزائر - ومنها أمراض السل والسرطان والأمراض التناسلية. ومعروف أن الجزائر - وأفريقيا كلها عامة - لم تكن تعرف قبيل الاحتلال الاستعماري شيئا عن مثل هذه الأوبئة، ولم يأت بهذه الأمراض الفتاكة غير جنود الحملة الإفرنسية المكونين من السجناء واللقطاء والمرتزقة. وهكذا فقد رافقت الحملة الاستعمارية، حملة أخرى من الأوبئة المخيفة التي صدرها المجتمع الإفرنسي القذر. وجدير بالذكر التنويه إلى ما كتبه (البروفسور ليفي فالنسي) في هذا المجال. وفيه ما يلي: (تضم الجزائر بسكانها التسعة ملايين نسبة من المسلولين تعادل ما تضمه فرنسا التي يبلغ عدد سكانها أربعين مليونا. وبالرغم من كل ذلك لم تتخذ سلطات الاستعمار الاحتياطات الوقائية اللازمة، مثل بناء المستشفيات الصحية، وزيادة أعداد الأطباء الذين هم بمعدل ٤ - ٨ أطباء لكل مائة ألف نسمة، فلا عجب إذن بعد كل هذا أن نرى نسبة وفيات الأطفال بين العرب تبلغ خمسين بالمائة) كان ذلك في نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث بلغ عدد الأطباء الموجودين في الجزائر (١٨٥١) طبيبا. وهذا يعنى توافر طبيب واحد لكل (٥٤٠٠) نسمة - نظريا - أما من الناحية العلمية، فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>