للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معظم هؤلاء في العواصم الكبرى والمراكز الصحية الإفرنسية، وواجبهم الأول هو خدمة الإفرنسيين. وقد يكون ذلك وحده كافيا لإبراز اهتمام السلطات الاستعمارية بالعرب المسلمين، وما نتج عن هذا الاهتمام من إسهام في أعمال الإبادة غير المباشرة للعرب المسلمين في الجزائر.

لم تقف فرنسا عند هذا الحد، فأضافت إلى سجلها الحضاري جريمة دينية وإنسانية ما عرفها التاريخ، عبرت فيها عن حقدها الدفين ضد الإسلام وتعصبها الأعمى والأحمق للمسيحية. وتمثلت هذه الجريمة بالمجاعة الكبرى التي اجتاحت الجزائر سنة ١٨٦٧ والتي ذهب ضحيتها حوالي نصف مليون نسمة.

لقد كانت فرنسا وراء المجاعة، لأن التاريخ لم يذكر أبدا حدوث مجاعات من هذا النوع في البلاد، فالجزائر غنية بمواردها الغذائية، وكانت تجارتها مزدهرة قبل الاحتلال الإفرنسي للبلاد، ولكن الحروب التخريبية التي شنتها فرنسا على الحرث والنسل لتحطيم المقاومة الشعبية، كانت العامل الوحيد الذي أدى إلى المجاعة الرهيبة. فالسنوات التي سبقت عام ١٨٦٧ كانت سني حرب طاحنة، لم يعرف تاريخ البشرية إلا نادرا بمثل وحشيتها وبمثل ما رافقها من فظائع وآثام.

ولم تجد فرنسا سبيلا للتغلب على الشعب إلا بحرمانه من وسائل الحياة - الغذاء والماء -. ولذا تم تطبيق مخطط إجرامي لإحراق الغابات والمزارع والحقول والبساتين وتخريب القرى والمدن، وردم العيون والآبار. وكان من نتيجة ذلك ظهور مجاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>