بها الغزاة المستعمرون، الذين لم يشبع حقدهم بدخول البلاد، فمضوا إلى إشباعه بقلب أوضاع هذه البلاد رأسا على عقب، وهذا ما يفسر تركيز هجومهم على الإسلام ومقدساته. لا غرابة في ذلك، فالمعروف من القوانين الدينية للفروسية الغربية التي زحفت إلى المشرق في الحروب الصليبية القديمة هذه القوانين:
أولا: أن تصدق كل تعاليم الكنيسة وتمتثل لأوامرها، فإن فعلت ذلك، ولو أدى بك إلى الاستشهاد دخلت الجنة.
ثانيا: أن تحمي الكنيسة، وتبذل كل ما تستطيع من مال ونفس ونفيس في سبيل نصرتها ودعمها.
ثالثا: أن تشن على الكافرين (أي المسلمين) حربا لا هوادة فيها.
ومن هذا البند الثالث، نشطت الوحشية الصليبية، وانطلقت من عقالها لتقتل وتحرق وتدمر وتبيد، في حرب لا هوادة فيها، وبقلب لا يعرف الرحمة، وكأن المسيحية لن تقوم لها قائمة إلا على أنقاضى الإسلام، وبني الإسلام. ولا تستطيع الكنيسة تبرئة ساحتها من فظائع الاحتلال والتي سهر على تنفيذها سفاحون عسكريون، لأنهم زحفوا في حمى الكنيسة، ووسموا صدورهم بالصليب، فالهدف واحد عند الطرفين الديني والعسكري، الهدف إبادة الإسلام في هذه الربوع. وكان رجال الكنيسة هم الدماغ المفكر والمخطط، وكان رجال العسكر، هم الذراع المنفذ والمدمر. ولقد سبق عرض بعض الشواهد التي تؤكد هذه الحقيقة، وهذه طائفة أخرى منها: