أحسن حالا من طالب القرآن، غير أنهم لا يترددون في الإسراع إليه ومشاركته جهده وجهاده. وتجدر الإشارة هنا إلى ما عرف عن الجزائريين عموما من رغبة كبرى في تعلم القرآن وحفظه حفظا غيابيا - عن ظهر قلب - حتى أن نسبة حفظة القرآن في الجزائر ترتفع بين الذكور إلى نسبة ٤٠ بالمائة. ويرجع الفضل في الإبقاء على جذوة الإسلام متقدة في الجزائر بالرغم من كل أساليب القمع والقهر إلى حملة الكتاب والمدافعين عن الإسلام من الفقهاء والعلماء الذين تصدوا بإيمان لا يتزعزع لصراع الاستعمار ومبشريه. فحافظوا بذلك على أصالتهم الإسلامية وحضارتهم العربية ودينهم الحنيف، في وقت حجز فيه الاستعمار جميع المصاحف، وأخلى البلاد والمكاتب منها، وأغلق المدارس والجوامع. وقذف بمبشريه إلى معركة التنصير.
وأسفرت هذه المعركة عن هزيمة الاستعمار ومبشريه ودعاته، وخرج حفاظ كتاب الله وهم أعزة بنصرهم، لقد نصروا الله فنصرهم وصدق الله وعده ونصر جنده. غير أن فشل الاستعمار في تطبيق سياسة التنصير لم يدفعه إلى اليأس، فمضى دهاقنته ومفكروه لاستخدام وسائل تبادلية: فإذا ما فشلت أساليب الهجوم المباشر، فلماذا لا يتم استخدام أساليب الهجوم غير المباشر؟ وإذا لم ينجح دعاة التبشير في إقناع المسلمين بتبديل دينهم، فلا أقل من صرفهم عن إسلامهم، والعمل على تشويه الإسلام ذاته بالخرافات والبدع.
وهكذا جندت فرنسا أجهزتها لبث التعاليم الدينية - المبتكرة - بواسطة أعوان لها ضعاف الأنفس والإيمان من الأئمة ورجال