للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الجهل سائدا، والبدعة قائمة، والضلال مخيما، فإذا بهذه الثلة الصالحة من الطلبة الذين يرتادون دروسنا، تبث الفضيلة، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتبين أمام الناس سبيل الخير والصلاح. والشباب في الجزائر كافة، وخاصة الذي لم تدنسه تعاليم فرنسا، ومباهج مدينتها الفاجرة، لا يزال مادة أولية - خاما - إذا ما نحن تداولناه بالدعوة الإصلاحية السلفية، جعلنا منه دعاة صالحين. يحثون على الخير، ويقضون على الخرافات والأباطيل، ويفتحون أمام الشعب أبواب الحياة السعيدة الحقة، التي توصدها فرنسا بكل ما ملكت من حول وطول).

ويدرك الشيخ عبد الحميد طبيعة المعركة التي يخوضها، وما هي عليه من الشمول والاتساع، مما يتطلب استنفار كل القوى المتوافرة، وزجها جميعها في معركة المصير، ويظهر ذلك في مقولته وهو يوجه حديثه إلى الشيخ أحمد توفيق المدني: (سواء أطال مقامك بالجزائر أو قصر، وسواء إن اهتديت إلى كفاح سياسي أو أخفقت، فهذا واجب عيني قد وضعه القدر فوق عاتقك. فابدأ كفاحك بهذا ريثما ييسر لك أسباب كفاح آخر. وكفاحنا هنا شاق، مرير، متعدد النواحي، مختلف الاتجاه. فأينما ضربت بسهم صائب في أي ميدان، كان نضالك مشرفا، وكان جهادك محمودا) (١).

والشيخ عبد الحميد، يخوض معركته معتمدا على أرضية صلبة


(١) حياة كفاح - أحمد توفيق المدني - ١١/ ٢ - ١٢ و١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>