للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظل الصراع أسبوعا كاملا قتل فيه (٢٢) يهوديا. وعجزت السلطة الإفرنسية عن إيقاف - أو احتجاز الحماسة الدينية الملتهبة، والشعور القومي المتفجر، فاضطرت للتوسل إلى الشيخ عبد الحميد بن باديس والنائب الدكتور بن جلول، من أجل التدخل لتهدئة الموقف المتفجر الذي بات يتهدد الوجود اليهودي كله في القسنطينة.

هنا، لا بد من التوقف قليلا عند ظاهرة ما أطلق عليها اسم (مجزرة قسنطينة) والتي تجاوزات في مضمونها وأصدائها حدود الجزائر لتأخذ أبعادا عالمية. وقد يكون من غير الطبيعي، تفسير ما حدث في قسنطينة على أساس أنه مجرد رد فعل لاستفزاز (يهودي عابر) كما أنه من غير الطبيعي الأخذ بهذا الاستفزاز ذاته على أنه مبادرة فردية (ليهودي حاقد). ولعل هذه الحادثة تبرز أهمية الدور الذي كان يضطلع به (مسجد الجامع الأخضر) وإمامه (الشيخ عبد الحميد بن باديس) في نشر الوعي ضد الأخطار التي تتهدد العالم الإسلامي على أيدي الاستعمار والصهيونية، وأدى ذلك إلى تعاظم نقمة اليهود، فكان استفزاز اليهودي تعبيرا عن هذه النقمة، واختبارا لمعرفة ما وصل إليه التنظيم الإسلامي من القدرة في مدينة قسنطينة، وعندما أدركت السلطات الاستعمارية تعاظم قدرة (عبد الحميد بن باديس) فضلت تجنب مجابهته في ظروف غير مناسبة لها، ولجأت إلى أسلوب (التهدئة) عن طريق عبد الحميد ذاته (١).


(١) تجدر الإشارة هنا إلى ما كتبه (إيليا أبو ماضي - الشاعر اللبناني المهجري - في جريدة (السمير) ص ١٥ - آب - أغسطس - ١٩٣٤. وتضمن ما يلي: (لا نخطىء =

<<  <  ج: ص:  >  >>