وتباينت آراء المستشرقين المتعصبين ضد الإسلام، سلبا وإيجابا، لينا وشدة، واختلفت في معاملته كوسيلة، وإن كانت غاية الجميع واحدة، فالمهم: إما أن يستسلم هذا الإسلام للحضارة الأوروبية، ويخلي الميدان لإشعاعها، وإما أن يوطن أكنافه قنطرة من الوثنية الأفريقية إلى المسيحية حتى قال أحد مؤرخي الكنيسة الإفرنسية:
(إن الإسلام قنطرة للأمم الأفريقية، ينتقلون بها من ضفة الوثنية إلى ضفة المسيحية، فليس الواجب والحالة هذه قاصرا على معاملة الإسلام بالتساهل، بل لا بد من رعايته وتعضيده بأن نسعى في توسيع نطاقه، وترتيب الأرزاق على المساجد والمدارس، وجعله رائدا لمدنية فرنسا، وآلة نستعين به في فتح البلاد).
وتعبر المقولة السابقة عن (سياسة الهجوم غير المباشر) ضد الإسلام والمسلمين وذلك عن طريق استخدامه مرحليا لخدمة الأهداف الاستعمارية - الصليبية. ولكن (هانوتو) ومن بعده (آشيل) اختارا أسلوب الهجوم المباشر، وتسلحا بالعداء الصريح، وتصديا في مواجهة سافرة لحرب المسلمين. وإذا كان (هانوتو) قد اغتر ببصيص من الاستشراق ظنه الإشعاع الكافي الذي ينفذ به إلى أسرار الإسلام وغاياته البعيدة، يبعثرها يمنة ويسرة، في عشوائية أبعد ما تكون عن بصيرة العلم الراسخ. فإن (آشيل) قد اغتر بدوره أيضا بتلك المعرفة السطحية التي اكتسبها من خلال احتكاكه القليل بالمسلمين، ومن خلال بصره الأعشى إلى عقيدتهم