للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العثماني، الذي لم يغفله بدوره، فتعرض له بنفد جارح في معرض رده على (هانوتو).

أما ابن باديس، فقد عاش التجربة في الجزائر، بأقسى مما عاشها محمد عبده في مصر. فقد نازل ابن باديس عدوا مجاورا له، وملاحقا منه، يملك من السطوة والسلطة والتأييد الرسمي ما يستطيع أن يمد به يد الإساءة إليه. فلم يستنكف الشيخ عن الصراحة السافرة. ولا تقاعس عن المجابهة المباشرة. بينما كانت يد (هانوتو) في باريس تقصر عن أن تمتد إلى الشيخ محمد عبده في مصر بسوء، ولو عن طريق غير مباشر، طريق الخديوي أو المعتمد البريطاني.

...

برزت بعد ذلك ظاهرة أكثر إثارة في الموضوع، فقد أقبل الشاعر أحمد شوقي على دعم الإمام محمد عبده وامتداح رده على (هانوتو). غير أن شوقي فعل كما فعل الشيخ محمد عبده، فلم يصدر قصيدته في مدح إجراء محمد عبده باسمه - وبصورة صريحة، وصدرت بعد ذلك في ديوان (الشوقيات المجهولة). وبالإضافة إلى ذلك، فقد تميزت قصيدة أحمد شوقي هذه ببرودة العاطفة، وضعف الروح الشاعرية التي اشتهر بها أمير الشعراء. وقد يكون السبب في ذلك - والذي دفعه إلى التنكر في نشر القصيدة باسمه - هو معاناته من الصراع بين الرغبة في إرضاء القصر الذي كان ينظر إلى الإمام محمد عبده بكثير من الحذر، وبين الشعور بالواجب لإنصاف الإمام والدفاع عنه ودعمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>