للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركز الاستعمار الإفرنسي هجومه على اللغة العربية لضرب المسلمين بعضهم ببعض، وعزل الذين يتحدثون اللغة البربرية - المازيغية - واتخاذهم بطانة له وأعوانا لتنفيذ سياسته - وقد سبق عرض هذه السياسة بشيء من الإسهاب -. وتصدى - ابن باديس - لهذه الحملة الفاسدة المفسدة، ودأب عمره، يصل الليل بالنهار لبعث الجزائر العربية المسلمة. وقد دخل الميدان الإصلاحي والإسلام ضلالات ما أنزل الله بها من سلطان، والعروبة لا يكاد يرتفع لها صوت في ديار الجزائر. فرابط في واجهته (بالجامع الأخضر) مرابطة الجندي المجهول. وآمن بالأبعاد التي عشيت عنها فلاسفة الاستعمار، حتى أعاد شعبه إلى سواء السبيل، وأنقذه في الوقت المناسب، مما كان يراد له من تشتت وفناء، وقال في ذلك: (لو جئنا - شعبنا - بعد عشرين سنة لما أدركنا فيه قابلية للعلاج. ولكن الله أراد خيرا بهذا الشعب، بعث فيه من آمن بنشوره، بعد إيمان الكثير بموته).

لقد كان - ابن باديس - على موعد مع قدره، وكان قدره هو قدر شعبه، فمضى بجولته من الصفر، بل من الصفر المركب. فلم يكن هناك كفر، ولكن إسلام مشوه. لم يكن هناك جهل فحسب، بل ثقافة دخيلة مسمومة. لم يكن هناك شعب ألقى حبله على غاربه. ولكن، كان هناك الشباب الجاهل فقط، الشباب المشوه الثقافة واللسان، المفصول عن تاريخه وحضارته، والمتصل - بانقطاع تاريخي - مع الرومان والغول أجداد الإفرنسيين. مما كان يروجه دهاقنة الاستعمار ومبشروه. فوقف ابن باديس يؤكد أصالة الجزائر في عروبتها، وأصالة العروبة في

<<  <  ج: ص:  >  >>