عنها هنا في الجزائر. ويحاولون، بوجود اللغة المازيغية في بعض الجهات وجودا محليا، وجهل عدد قليل جدا بالعربية في رؤوس بعض الجبال، أن يشككوا في الوحدة العربية للأمة الجزائرية، التي كونتها القرون وشيدتها الأجيال - سنة ١٩٣٨).
ولم يتجن - ابن باديس - بقوله هذا على الواقع الجزائري، بل نقله نقلا أمينا صادقا، فلم تفرض اللغة العربية على الناطقين بالمازيغية. ولكنها نبعت من قلوبهم، وفجرها الإسلام، فلا بدعة أن يقف الفتى الزواوي - با عزيز بن عمر - ليقول عن العروبة:(وإننا لنشعر من قبل ومن بعد، بدم العروبة يجري في عروقنا، وهو صاف لم يمازجه كدر وإن اختلف المظهر. ونسمع صوتها الحنون يرن في آذاننا. فنفتح له الطريق إلى قلوبنا وأعماقنا. فالعربية حية فينا. ونحن أحياء فيها ما دامت السموات والأرض).
إن (عروبة الجزائر عروبة تاريخ وحضارة، لها أيامها المجيدة، ودولها العريقة، ولن يقوم أمر الوطن الجزائري اإلا بها، و - ابن باديس - حين يذكر هذا التاريخ، إنما يحدو شعبه إلى مستقبل أفضل يستمد عراقته وأصالته من التاريخ العربي لهذا الوطن: (لبس أبناء الجزائر العروبة، وامتزجت بأرواحهم، وتغلغلت في قلوبهم، وأشرقت شمس معارفها في آفاق أفكارهم، وجرت ينابيع بيانها على أسلات ألسنتهم، فأصبحوا ومنهم فيها علماء وخطباء وشعراء، ولهم منها جنود وقواد وأمراء. وحسبك من كثرتهم القائد الفاتح والخطيب المصقع - طارق بن زياد - ثم ما قامت مملكة من أبناء الوطن إلا وهي عربية في كل شيء. مثل