مع غيرها؟ وإذا لم تستطع أن تعتمد على نفسها في داخليتها فكيف يعتمد عليها في خارجيتها. فالوحدة السياسية بين هذه الأمم، أمر غير ممكن، ولا معقول، ولا مقبول).
وابن باديس مؤمن (بالرابطة القومية) الخالدة قدر إيمانه باستحالة تحقيق (الوحدة السياسية) بين شعوب لا تملك أمر نفسها، وهو إذ يقف هذا الموقف المزدوج، إنما يبصر الشعب العربي بواقعه السياسي المؤلم الذي يقف حجر عثرة في سبيل إعطاء الوحدة الأصيلة مظهرا سياسيا، وفي إنكار - ابن باديس - لهذا الواقع، دعوة صارخة للثورة عليه، والملاقاة على صعيد الروابط العربية الثابتة والدائمة:(هذه الأمة العربية، تربط بينها - زيادة على رابطة اللغة - رابطة الجنس، ورابطة التاريخ، ورابطة الألم، ورابطة الأمل، فالوحدة القومية الأدبية متحققة بينها ولا محالة).
ويقف عبد الحميد بن باديس في سنة ١٩٣٨ وقفة القائد العسكري الذي خاض معركته وانتهى منها، وأخذ في إعادة استخلاص الدروس المستفادة من الصراع السابق، استعدادا للجولة التالية. وينتهي - ابن باديس - من إعادة تقويم الموقف ليقول (... ما اليوم - سنة ١٩٣٨ - فقد تأسست في الوطن كله جمعيات ومدارس ونواد باسم الشباب والشبيبة والشبان، ولا تجد شابا - إلا نادرا - إلا وهو منخرط في مؤسسة من تلك المؤسسات، وشعار الجميع الإسلام، العروبة، الجزائر ... لقد نفضت الأمة عن رأسها اليوم غبار الذل. وأخذت تنازل وتناضل وتدافع