للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقص على الشيخ ابن باديس القصة. وأعقبها سائلا مداعبا: (لو جاءوك يا شيخ، فماذا كنت تجيبهم يا ترى؟). فاندفع الشيخ عبد الحميد في ثورة مباغتة فقال: (أما أنا فوالله لو قال الاستعماريون قل: لا إله إلا الله محمدا رسول الله - ما قلتها) (١): (إني لن أمضي برقية - بتأييد فرنسا - ولو قطعوا رأسي، وماذا تستطيع فرنسا أن تعمله؟ إن لي حياتين، حياة مادية، وحياة أدبية روحية. فتستطيع القضاء على حياتنا المادية بقتلنا ونفينا وسمجننا وتشريدنا. ولن تستطيع القضاء على عقيدتنا وسمعتنا وشرفنا، فتحشرنا في زمرة المتملقين) (٢).

...

وتضيق الصفحات عن احتواء مآثر الشيخ عبد الحميد بن باديس. وهوى السراج الوهاج الذي أشرق نوره على الجزائر، فتغلغل في كل أرجائها. مات الرجل عملاقا يوم ١٦ شباط - فبراير - ١٩٤٠ وقد بات ملء السمع والبصر والفؤاد. وماتت بموته مجلته (الشهاب). وخرجت الجزائر المجاهدة تنعي في يوم واحد فقيديها الغاليين الإمام ابن باديس ومجلته.

قيل إنه مات (بسل العظام) وقيل إنه مات (مسموما). وتعددت الأسباب والموت واحد. غير أن هناك حقيقة بقيت ثابتة وخالدة، لقد مات الوجود المادي لابن باديس غير أنه بقي حيا بحضوره


(١) جريدة المقاومة - الجزائرية - ٢٢ نيسان - أبريل - ١٩٥٧.
(٢) الجزائر والأصالة الثورية (الدكتور صالح خرفي) ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>