العلني والعمل السري. فقد كانت ظروف الحرب، ونشاط أجهزة الأمن الإفرنسية، قادرة على إحكام قبضتها على البلاد. وكانت سلطات (فيشي) تكثر من الاعتقالات ومعسكرات التجمع والإقامة الإجبارية.
كان من آثار هذا النطام الذي استمر حتى نزول القوات الأنكلو - أمريكية في الجزائر يوم ٨ تشرين الثاني - نوفمبر - ١٩٤٢، أنه نشط الرأي العام الجزائري، ففي معسكر القوميين والشيوعيين والعلماء والأشراف والنقابات العمالية والتقدميين والتجار واليهود أخذ اللقاء ينتظم وانتشر تبادل الآراء بين الجميع. وكانت أنباء الخارج موضوع تعليقات يومية، وأصبحت السجون هي المدارس الحقيقية للمجاهدين، فيها يعقدون ندواتهم ويلقون محاضراتهم ويبحثون مستقبل بلادهم. فمن روزفك إلى ستالين، ومن تشرشل إلى ديغول، ومن شرعة الأطلسي إلى استقلال الشعوب المستعمرة، وكانت النظريات تتصارع وتسري بين مجموع المعتقلين. وكان هناك من الرجال من زج بهم في السجون لجرائم عادية، وفيهم تجار لا تربطهم بالسياسة أيه روابط، سجنوا لأنهم تجار حرب ساروا على درب الكسب غير المشروع. هؤلاء وأمثالهم تخرجوا من السجون وهم يحملون حماسة المجاهدين المتمرسين. وعندما كانت الإدارة الإفرنسية تضع أحد القوميين في إقامة إجبارية، كان هم هذا الأخير ينصرف بالدرجة الأولى إلى تنظيم خلية، حيث لم يكن يوجد شيء من ذلك القبيل، وإلى نشر مبادىء الحزب في صفوف الفلاحين. وبذلك، كانت عمليات القمع تنشر خميرة