للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفتشنا في الحالة الحاضرة، فوجدنا الأمة الجزائرية المسلمة موجودة، كما تكونت ووجدت كل أمم الدنيا. ولهذه الأمة تاريخها الحافل بجلائل الأعمال، ولها وحدتها الدينية واللغوية. ولها ثقافتها الخاصة وعوائدها وأخلاقها بما فيها من حسن ومن قبيح، شأن كل أمة في الدنيا. ثم إن هذه الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا. ولا تريد أن تصير فرنسا. ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت. بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد، في لغتها وفي أخلاقها وفي دينها.

لا تريد أن تندمج ولها وطن معين هو الوطن الجزائري بحدوده الحاية المعروفة).

كان ذلك عاملا أساسيا وحاسما في تحول (عباس فرحات) وإزالة الغشاوة التي أسدلتها على أبصاره نشأته في المدارس الإفرنسية، ومعايشته للوسط الإفرنسي. أما العاملان الأساسيان الآخران فهما: التصاقه ببيئته الجزائرية الأصلية (بيئة الفلاحين) في (شرق الجزائر) وأخطاء، أو جرائم، السياسات الإفرنسية ذاتها. وهو الأمر الذي أوضحه فرحات عباس ذاته بقوله (*):

(إنني أنتسب بالفعل إلى فئة الفلاحين، ولم يكن إلا من قبيل المصادفة تولي والدي وأشقائي الوظائف العامة، لقد نشأت في وسط الفلاحين، أولئك الفلاحين الجبليين الذين لم ينل البؤس من شجاعتهم وأنفتهم وكبريائهم. لقد قضيت سني


(*) ليل الاستعمار (فرحات عباس) إصدار جوليارد ص ١٠٧ - ١١٣ (في ترجة وليم خوري ص ١٣٧ - ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>