الجنسية الإفرنسية مع إعطائهم حق التمتع بحقوق المواطن الإفرنسي، حتى لكأن الجزائري لا يرقى إلى درجة المتمتعين بالحقوق والحريات إلا إذا تخلى عن جنسيته وأصالته، وإلا إذا تنكر لعروبته وإسلامه، وإلا إذا تحلل من كل ما يربطه بثقافته وتاريخه وأمجاده، فقلب ظهر المجن لشخصيته، ولتراث آبائه وأجداده، وأصبح إفرنسيا عدوا لقومه وماضيه وحاضره ومستقبله. وكان الجزائريون يحسبون أن مشاريع الإدماج والإلحاق ومحاولات محو الشخصية الجزائرية قد ماتت إلى الأبد، منذ أن تم دفن مشروع (بلوم - فيوليت) سنة ١٩٣٦، غير أن الاستعمار لا يبرأ من أمراضه المزمنة، ولا يعرف الشفاء إليها سبيلا. ومن ثم، فها هو الجنرال ديغول يبعث المشروع الدفين تحت التراب من جديد، جاعلا من سياسته التي رمى بها بلا مبالاة في وجه شعب عريق، شهدت له الدنيا قديما وحديثا بعراقته وأصالته، وبمحافظته واستماتته في التمسك بتلك العراقة، وبتلك الأصالة، كلفه ذلك ما كلفه. وأمام هذه الخطة الديغولية الشريرة، اجتمع قادة (حزب الشعب الجرائري) وتدارسوا الموقف، وقرروا الاتصال (بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين) و (بحزب أصدقاء البيان والحرية) - وهو التنطيم الوحيد الذي كان معترفا به من جانب السلطات الإفرنسية. وتم الاتفاق على العمل المشترك ضد المخططات الجديدة القديمة.
أدى تعاون (حزب الشعب الجزائري) مع منظمتي العلماء والبيان، إلى زيادة نشاط العمل السري، وهو العمل الذي اعتمد على خلايا حزب الشعب الجزائري المنحل والمطارد من طرف السلطات الاستعمارية، والذي ما زاده القهر والاضطهاد