للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناجمة عنها. وها هي ذي الوقائع الوحشية المذهلة .. لقد سالت الدماء الغزيرة مرة أخرى في الجزائر، كما سبق لها أن سالت من قبل مرات عديدة. إن المفكرين والمعمرين الذين يختارون العبارات الأنيقة، وينسقون التعابير والجمل في مراسلاتهم مع فرنسا بغية حل (القضية الجزائرية) لا يفقهون ولا يدركون أن المريض الذي يعالجونه بالمسكنات عن طريق الإذاعة، قد بات يستعصي على العلاج.

... ولقد تجاهل الإفرنسيون على اختلاف نزعاتهم، وعلى تباين تنظيماتهم السياسية، وبرامجهم الحزبية، الأسباب الرئيسية للحوادث، وتعاموا عن المطالب الجوهرية والقومية للشعب الجزائري. فراحوا قصد تضليل الرأي العام الدولي يعزون الحوادث إلى أيد خفية أجنبية حركت الجزائريين ضد فرنسا. وشاءت عبقرية الحاكم العام الاشتراكي الإفرنسي في الجزائر (شاتينيو) (*) عامئذ في بلاغه الذي أذاعه بنفسه على أمواج الأثير، أن يصف أعضاء حزب الشعب الجزائري باسم (نازيون) وبأن (منظمتهم نازية). أما عبقرية جماعة اليسار وأنصارهم، فقد قالوا في خطبهم، وذكروا في صحفهم: بأن الحوادث أشعلت نيرانها أيد إنكليزية وأمريكية. أما الحقيقة فهي أننا لسنا من أحزاب اليمين في شيء حتى نتهم بالفاشية أو النازية. ولسنا أيضا من أحزاب اليسار حتى نتهم بالشيوعية. وإنما نحن أمة وسطا لا ينبغي لنا أن نتغنى بمباديء هؤلاء،


(*) شاتينيو: (Chataigneau).

<<  <  ج: ص:  >  >>