هكذا، تدعم العمل السري، وظنت الحكومة الإفرنسية أنه من الحنكة أن تسمح بعودة (حزب الشعب الجزائري) إلى العمل العلني (تشرين الثاني - نوفمبر - ١٩٤٦) حتى تجهض النشاط السري الذي لم تتمكن من متابعته، وحتى تجابه به (الاتحاد الديمقراطي لأصدقاء البيان الجزائري) من جهة ثانية. ولا ريب أنها كانت تجهل بأنه في اللحظة التي عاد فيها حزب الشعب الجزائري للعمل العلني (تحت اسم حركة انتصار الحريات والديمقراطية). كانت هناك مجموعة من المجاهدين قد مضت قدما، ودون أي تفكير بالتراجع، للعمل في تنظيم المقاومة الأولى السرية. وغني عن البيان أن كثيرا من الجنود الجزائريين، بعد أن ساهموا بشجاعة في معارك إيطاليا وفرنسا وألمانيا، عادوا في صيف عام ١٩٤٥ إلى الجزائر، فلم يجدوا في وطنهم إلا الحداد والخراب في حين كان أبناء المستوطنين ينعمون بخيرات الجزائر ويعملون على اضطهاد شعبها (*) وبينما كانوا يقاتلون لتحرير فرنسا، ويؤمنون انتصار الحلفاء، كانت فرنسا تسلم أسرهم إلى فظائع جنودها وبعض المستوطنين. لهذا انصرف عدد كبير من هؤلاء الجنود إلى صفوف الثوار - ومن الأمثلة على ذلك الرقيب عمران - ترى أين كان باستطاعة هؤلاء الجنود أن يتوجهوا، حيال مثل هذه النكبات الهائلة،
(*) لقد أشاد عدد كبير من قادة فرنسا بجهود الجزائريين في تحرير فرنسا، غير أنهم تجنبوا ذكر نسبة المسلمين الجزائريين الذين اشتركوا في الحرب وهي ٩٠ بالمائة. في حين كان أبناء المستوطنين من أنصار حكومة فيشي ينتحلون الأعذار للبقاء في مزارعهم ووظائفهم.