الشعوب الاستعمارية القوية والانتصار عليها، بالرغم من كل تفوق في موازين القوى. وجاءت أحداث تونس في عام ١٩٥٤ لتبرهن من جديد، أن القوة، حتى ولو مارستها بضع مئات من محاربي الجبال، قد تؤدي إلى نتائح عظيمة. وإلى الغرب - في مراكش - واصل المغاربة استعمال الإرهاب لإظهار غضبهم على الطغيان الإفرنسي، وعلى نفي سلطانهم من البلاد. وظهر أن الوطن الإسلامي - العربي كله يتأجج بنار الثورة. وهكذا لم يعد توجيه هذه التيارات الجزائرية العميقة من الغضب باتجاه الثورة في حاجة إلى أي شيء آخر غير القادة والأسلحة.
وصل التمزق في (حركة انتصار الحريات الديموقراطية) منتهاه وغايته مع بداية عام ١٩٥٤، وتمركز الصراع بين مركزي القوى الرئيسيين - على نحو ما سبق عرضه - مركز (مصالي الحاج) وأنصاره، ومركز (اللجنة المركزية) بقيادة بن يوسف بن خدة وعبد الرحمن كيوان وحسين الأحول، وأنصارهم. غير أن اتجاها ثالثا نشأ بين هذين المركزين المتصارعين على متسوى القمة، وكان هذا الاتجاه الثالث هو الأكثر التصاقا بقواعد الحزب والأشد تلاحما معها. وقد ضم هذا الاتجاه العنامر القيادية من المنظمة السياسية، ومن المنظمة الخاصة (الشرف العسكري) وكان لهذا الاتجاه رأيه الخاص تجاه الأزمة التي كانت تهز القومية الجزائرية. وقد عبر هذا الاتجاه عن رأيه بما يلي:
أولا: إن الأزمة باعتبارها أزمة على مستوى القيادة، تضع على بساط البحث مسؤولية جميع القادة بما في ذلك (مصالي الحاج)