والثورة - وهي الأزمة الطويلة التي تحيل التنافر إلى وحدة - لا تستطيع الوقوع في (وعاء مقفل) في جزء واحد من العالم، حتى ولا في قارة بأسرها، فارتباط الاضطرابات ارتباط عالمي .... والثورة -عملية تاريخية، لا تقود إلى أبواب الفردوس، بل إلى أبواب عالم شبيه بالعالم الذي نعرفه، باستثناء أن كل ما فيه قد تبدل. حتى (النفس) أيضا تغيرت. فأية فئات يمكن لها أن تقتسم المنافع والخدمات وتتوزعها، ومم تتألف هذه الفئات؟ ولمنفعة من سيجري هذا التوزيع؟ وأية علاقات بشرية يمكن لها ان تتبدل فعلا؟ وما هي الأهمية الحضارية لهذا التبدل؟ وما هو نوع النظام الجديد الذي سيوجد والذي سيقبل فيه الناس أوضاعهم؟ وكيف يمكن لهذا النظام أن يضع الخطة لإبراز الطبقة المختارة؟ هذه هي الاسئلة التي تبرز ما يتعرض للخطر في المعركة.
وليس من الصعب تسمية كل عصره (بالعصر الثوري) إذا كان الاصطدام المتزايد في المشاكل يقترب من نقطة الإشباع. فالتباين والخلاف يصلان الى أقصى امتدادهما ... وترفض الغالبية العظمى تقبل المجتمع. ويأخذ عدد الرجال الذين فقدوا الاحساس بالانتماء الى النظام الاجتماعي او النظام العالمي يزداد ... ويصبح المجتمع الى حد كبير، وأخيرا الى حد نهائي، ترتيبا استبداديا، أو إذا شئنا تعبيرا أصدق، قلنا إنه يصبح سلسلة من الترتيبات التي لم تعد تستحق اسم (المجتمع) .... وتأخذ الظروف دورها في تكييف سلوك الإنسان أو تشويهه، ويتعاظم دور هذه الظروف، بينما ينقص دور المسؤولية. وفي مثل هذه الأوقات يكون الرجل العظيم هو ذلك الذي يملك، بالإضافة الى مواهبه الأخرى، موهبة تمييز (اللخطة