الأرض ومغاربها وعلى كافة الجبهات في أوروبا كما في أفريقيا الإسلامية، وفي البر كما في البحر. ومن هنا تظهر أهمية الدور الذي اضطلع به (خير الدين) ومن ورائه (الإمبراطورية العثمانية) في إيقاف الهجمة الضارية، والتصدي لها، والعمل على إحباطها. ومن هنا أيضا تظهر كفاءة (خير الدين) السياسية، وتفكيره السليم، عندما ربط جهوده بجهود المسلمين في الجزائر - وفي المغرب العربي - الإسلامي من جهة مع جهود الإمبراطورية العثمانية من جهة أخرى.
ذلك هو موقع (خير الدين) في التاريخ، إنه قائد التحول في مسيره الصراع من مستوى العمليات المحدود إلى المستوى الشامل. ومن المستوى المحلي إلى المستوى الدولي. ولقد مر هذا التحول بمراحل مختلفة، بداية من ممارسة القرصنة (الحرب الدفاعية المحدودة) إلى مستوى العمليات المحدودة لمصلحة (دولة تونس) ومنها إلى مستوى المغرب العربي - الإسلامي، ومن هذا المستوى إلى مستوى العالم الإسلامي عبر ربط الصراع بالإمبراطورية العثمانية. ولقد مر هذا التطور عبر الإدراك التام لطبيعة المرحلة وطبيعة الصراع الذي كانت تخوضه الأمة العربية الإسلامية خاصة والأمم الإسلامية عامة، وهنا نعود إلى بداية القصة.
لقد خرج (عروج) إلى البحر غازيا مجاهدا لمقاومة الظلم الذي يتعرض له المسلمون في الأندلس وفي كل مكان من أوروبا، ووقع في قبضة الأمر، وعانى عبودية القيد، فكان لذلك دوره في تحديد هدفه من الصراع (الجهاد في سبيل الله). وانطلق مع أخوته، ومع فئة من المجاهدين، في هذه الحرب غير المتكافئة، ووظف الأخوة (ذوي اللحى الشقراء) انتصاراتهم لمصلحة (سلطان الحفصين في تونس)