(الحجاج) وليس بعيدا عن (أريس) حيث المركز الرئيسي للمجمع المشترك في (الأوراس). واحتل هؤلاء منزل (علي بن شيبا) الذي يضم إحدى عشرة غرفة، انتشر فيها المجاهدون، وحرم عليهم أي اتصال أو التعريف بأنفسهم أو مغادرة المنزل. واستقر الجميع هنا ثلاثة أيام، تلقوا خلالها محاضرات عن قتال الثوار (المغاوير) ونظفوا أسلحتهم، وتفقدوها، وتدربوا على استخدام الألغام والمتفجرات والأجهزة اللاسلكية.
وفي يوم ٣٠ تشرين الأول - اكتوبر - وصل مبعوثان من قبل (اللجنة الثورية للوحدة والعمل) واتصلا بالزعيمين (مصطفى بن بولعيد وبشير شيحاني) وأبلغاهما آخر التعليمات. لقد أصبحت (اللجنة الثورية للوحدة والعمل) تثق ثقة تامة بالكفاءة القتالية المتوافرة في وسط الشعب الجزائري، قدر ثقتها بنضجه الثوري - الفكري - ومعرفته بالطريق المؤدي الى الحل الحاسم. فأصدرت أوامرها التي كان ينتظرها رجال الأوراس بصبر نافذ.
إذا ضم تاريخ الجزائر يوما له أهميته الخاصة، فذلك هو يوم ٣١ تشرين الأول - اكتوبر - ١٩٥٤؛ ذلك لأن هذا اليوم هو الذي تم فيه اتخاذ أخطر القرارات التاريخية - يقينا - وهي القرارات التي ستزج الشعب الجزائري كله في حرب ضروس لا يستطيع أحد - في ذلك التاريخ - معرفة مدتها أو مدى اتساعها. وفي ذلك اليوم، خرجت الأسلحة والذخائر من مخابئها في الكهوف ومن مدافنها تحت التراب، لتحسد بعضها بعضا على ما ستقوم به من الأعمال.