وهكذا، وبينما كان بعض الرجال يتسلمون أسلحتهم، والحماسة تهز كيانهم، كان هناك آخرون واجبهم مرافقة ونقل (٦٠) بارودة و (٢٠٠) كيلو غرام من الذخائر بواسطة شاحنة اسأجرها لهم (بو شمال) لتصل هذه الإرسالية في المساء إلى منطقة القبائل، ويتسلمها الرجال الشجعان في هذا الإقليم، ممن كانوا يستعدون بدورهم للعمل (من أمثال عميروش). واعتبارا من تلك اللحظة، سيأخذ المجتمعون في (الطيبي كاوين) و (ضهرات ولدموسى) و (فم الطوب) كل ملامح المستقبل وفضائله. ولم يكن من السهل أبدا تجميع مثل هؤلاء الرجال الذين طالما مزقتهم السياسة الاستعمارية، ورجالها من الحكام الإداريين، وطالما فرقت بينهم القيادات والزعامات، لولا الاعتماد على أصالة الجزائر الثورية، وقاعدتها الدينية الصلبة التي توحد ولا تفرق، تجمع ولا تبدد. ولحسن الحظ أن توافر للثورة رجال يمتلكون من الارادة الصلبة ما يزيد على كل الصعاب والعقبات، من أمثال (مصطفى بن بولعيد وبشير شيحاني وعجول وبللا ولغرور عباس وبوستة) ممن يعود لهم دونما ريب فضل توحيد
الجهود وتوجيه الطاقات نحو هدف التحرير. وقد كان نجاحهم رائعا في الاوراس إذ استطاعوا إقناع رجال المنطقة الأشداء بتوجهاتهم وأهدافهم، وحملهم على الاضطلاع بدورهم التاريخي.
قسم الرجال الذين جمعوا عند (الحجاج) وعددهم (٢٧٠) رجلا الى مجموعات وزمر يتولى قيادة كل واحدة منها قائد مسؤول. وغالبا ما كان يتم الاضطلاع بدور القيادة طوعا من قبل