لقد وهبوا أنفسهم لقضية وطنية مقدسة، ووضعوا ثقتهم في قادتهم المؤمنين الصادقين، وتركوا لهم مهمة الإعداد السري للثورة، وقبلوا تنفيذ كل ما يطلب إليهم تنفيذه بدون مناقشة، ومن غير أن يسألوا عن الهدف أو القصد منه، أو عن موعد العمل المباشر، أو غير ذلك من الأسئلة التي قد تحرج المسؤولين أو تعرض الثورة لخطر مدمر- والثورة لا زالت في بداياتها الأولى.
انطلقت الخلايا الثورية الأولى نحو أهدافها المحددة، وهي مسلحة بالإيمان العميق ومحاطة بجو من التنظيم الدقيق والسرية المطلقة والتصميم العنيد. وكان المجاهدون قد وزعوا على الجهات المختلفة، فاتجه ثمانون منهم الى (فم الطوب)، وذهب خمسون الى ناحية (أريس)، واستقر سبعون آخرون في (غابة كامل).
وقام خمسة وثلاثون بالهجوم على (بطنة)، وكان النجاح حليفا لهذا الهجوم، حيث قتل للعدو سبعة جنود وأصيب ثلاثة آخرون بجروح. ونجح هجوم (فم الطوب) أيضا حيث احتلتها قوات الثورة لمدة ستة أيام وغنمت منها تسعة بنادق حربية. وفي الوقت ذاته، وهوجمت أريس وخنشلة وتازولت وقلس وغيرها من جهات أوراس الشاسعة. وواجهت قيادة الثورة منذ البداية مجموعة من الصعوبات الضخمة.