ولم تمض فترة طويلة حتى بات الشعب كله وهو منظم في خلايا وأفواج تنظيما سياسيا وعسكريا، يتوافق مع متطلبات جبهة التحرير الوطني، ويستجيب لتنظيم جيش التحرير الوطني. وأصبح هناك مجالس للشعب في كل دشرة (أو دسكرة) وفي كل قرية ومدينة. وأظهرت جماهير الشعب حماسة لا نظير للتطوع في الجيش، غير أن النقص في الأسلحة أعاق عملية تطويع كل الراغبين في حمل السلاح. لقد نضج الشعب على لهيب الحرب، وأصبح أكثر استعدادا لاحتمال أعظم التضحيات، ورافق ذلك تعاظم في مستوى الوعي الثوري، وبلغ هذا الوعي، من العمق والقوة، ما جعله قادرا على مجابهة التحديات مهما عظمت، وتجاوز الصعوبات مهما اشتدت. وكان دليل ذلك هو فشل كل وسائل الضغط والارهاب في إضعاف مقاومة الشعب الجزائري، وكذلك فشل محاولات فصل جيش التحرير الوطني وجبهة التحرير الوطني عن الشعب.
لقد استخدمت أجهزة الاستعمار الافرنسي وسائل كثيرة، وطبقت أساليب متنوعة، تلتقي كلها عند هدف واحد هو إبادة الشعب الجزائري بطرائق منهجية. وكان في جملة ما طبقته للوصول الى هذا الهدف، حشد الشعب في معسكرات اعتقال أطلق عليها اسم (مراكز التجمع). ويمكن تقسيم هذه المراكز الى قسمين رئيسيين، قسم قريب من الطرق العامة والأراضي المنبسطة (السهلية). وهذا القسم هو الذي كان يتم عرضه على رجال الصحافة والمحققين والباحثين من الأجانب وغيرهم، ولذلك بذل