وظهر بعض الاضطراب في عمل جبهة التحرير، فظن الافرنسيون أن ذلك بداية الهزيمة للثورة. لكن الجبهة كانت في هذه المفترة قد أخذت في تطوير عملها في تونس والمغرب. وسمحت لها معونة الحكومتين المستقلتين لهذين البلدين الشقيقين، بأن تشكل نواة جيش نظام - هو جيش التحرير الوطني - والعمل على تطويره بفضل الأسلحة التي تسلمتها الجبهة من تشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفييتي. وانتقل الاهتمام العسكري من جديد إلى الحدود التي حاولت فرنسا تحويلها إلى حدود مغلقة بإحكام بواسطة تجهيزات دفاعية تجمع بين الشبكات الكهربائية ورادارات الكشف. وتم إنشاء خط موريس في الشرق، وخط آخر لم تطلق عليه أية تسمية في الغرب، كانا يقومان بتحديد تسلل قوات جيش التحرير الوطني. وأصبح هذان الخطان مسرحين لمعارك دموية ضارية. وكان الإغراء يدفع الإفرنسيين للتحرك الى تونس والمغرب لتدمير قوات جيش
التحرير الوطني. ولكن ضغط الرأي العام الدولي منعهم من القيام بهذا العمل. وتطور جيش التحرير في حمى هذه المحرمات إلى أن شكل قوة هامة أصبحت فيما بعد أداة سيطرة جبهة التحرير الوطني على الجزائر، ومصدر سلطة العقيد (الهواري بومدين). وفي الوقت ذاته، شكلت جبهة التحرير الوطني حسب سياق (نقلته عنها الفيتكونغ فيما بعد) حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية. وهكذا حصلت جبهة التحرير على كل الواجهة الدولية للثورة - كما حصلت على الجهاز الضروري لإدارة البلاد.
خلق هذا التدهور في الموقف، بالرغم من النجاحات الواضحة جدا في المجال العسكري، استياء متزايدا في وسط الجيش الإفرنسي الذي أحس بحرمانه من جهوده التي بذلها. ووقعت في