وكان المجاهدون وهم في صياصيهم، يحبسون أنفاسهم في متابعة المشهد الذي يرتسم على الأرض، تحت سمعهم وبصرهم، وينتظرون اللحظة المناسبة .. ولم يكن من الصعب عليهم ملاحظة الحالة النفسية المتدهورة لقوات العدو، والتي عبرت عنها تحركاتهم المضطربة وأيديهم المرتعشة التي كادت تفلت الأسلحة وتتركها لتسقط على الأرض.
دقت لحظة فتح النار، وانطلقت أصوات المجاهدين بالتهليل والتكبير (الله أكبر) و (العزة لله والمسلمين) و (لتحيا الجزائر) واختلطت أصوات المجاهدين بأزيز رصاصهم ودوي إنفجار قنابلهم، وسقط النسق الأول من القوات الإفرنسية بين قتلى وجرحى - وهم حملة الرشاشات القصيرة، وهيمن الذعر على الآخرين، فانبطحوا أرضا، حاول أحد الضباط تحريض جنوده على الصمود، ودفعهم إلى الزحف. فأردته رصاصة من رصاصات المجاهدين قتيلا على الفور. وكان في مواجهة أحد المجاهدين جندي من جنود اللفيف الأجنبي ومعه جندي آخر من أصل جزائري يعمل (ملقما - شارجور) وقد ألح هذا الجندي بإطلاق النار على المجاهدين، فكان لا بد لهؤلاء من الإهتمام بأمره.
فعمل مجاهد على مشاغلته بالنار. بينما زحف مجاهد ثان من وراء الأشجار لتحديد موقع هذا الرامي، ولم يكن من الصعب إكتشاف مكانه بفضل النار المتدفقة من فوهة رشاشته، وما أن خر جندي اللفيف صريعا مقطع الحشى، حتى أخذ معاونه الجزائري (الملقم) في رفع يديه والتلويح بهما طالبا الإستسلام. ومنحه المجاهدون ما يريده من الأمان. وساد السكون بضع دقائق، حمل