أثناءها الجندي الجزائري سلاح رفيقه (الرشاش) وما تبقى من مخازن الذخيرة ومضى نحو إخوانه المجاهدين. غير أنه لم يكد يمضي لمنتصف المسافة القصيرة التي تفصله عن المواقع الحصينة للثوار المجاهدين، حتى إرتفعت أصوات بعض جنود اللفيف الأجنبي الكامنين قريبا منه وهم يصيحون به:(قف! قف! - آديت). وإلتفت الجندي الجزائري إلى مصدر الصوت، وأفرغ رصاصه، فعاد السكون من جديد، وصمتت الأصوات. ولكن لم يكد الجندي الجزائري يفرغ من عمله، حتى كانت طائرة استطلاع تمر من فوق رأسه، فرماها برصاص خزان كامل من رشاشه. إلا أنها قذفته بقنبلة - روكيت - مزقت جسمه وحطمت الرشاش الذي كان في يده.
رأى المجاهدون قطع السلاح المتناثرة على الأرض، أو الراقدة على جثث قتلى الإفرسيين. فخرجوا من مكامنهم، وأسرعوا نحوها لالتقاطها، وكانوا خمسة من المجاهدين رغبوا في استبدال بنادقهم القديمة، بأسلحة حديثة، غير أنهم لقوا مصرعهم جميعا، وكانوا يعرفون مدى الخطر الذي سيتعرضون له عندما يغادرون تحصيناتهم، ويتقدمون إلى منطقة باتت حتما تحت مراقبة العدو، وتحت رحمة نيرانه. غير أن الرغبة في الحصول على سلاح أحدث وأقوى دفعتهم إلى التضحية بوجودهم في محاولتهم الخطيرة.
وساد السكون بعد ذلك برهة من الزمن، أخذت بعدها قوات العدو في الإنسحاب، وإعادة تنظيم صفوفها، مفسحة المجال أمام الطيران والمدفعية الثقيلة الإفرنسية للاضطلاع بدورها في تدمير قوات المجاهدين وإنصب على الجبل سيل منهمر من القنابل المتنوعة.